مأكلة على اليهود في كلّ سنة ، فكرهوا بطلانها بأمر النبيّ فحرّفوا لذلك آيات من التوراة فيها صفته وذكره. فذلك الثمن الذي أريد في الآية. (بِآياتِي) : الآيات التي في التوراة التي بها نعت محمّد صلىاللهعليهوآله. (ثَمَناً قَلِيلاً) لأنّها وإن كثرت ، فهي قليلة بالنسبة إلى الآخرة. (وَلا تَلْبِسُوا) ؛ أي : لا تخلطوا الحقّ بالباطل. لأنّهم آمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعض. لأنّهم جحدوا صفة النبيّ وأقرّوا بغيره ممّا في الكتاب على حاله وهو الحقّ. (١)
[٤٣] (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ)
(وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ). يعني صلاة المسلمين وزكاتهم. فإنّ غيرهما كلا صلاة ولا زكاة. أمرهم بفروع الإسلام بعد ما أمرهم بأصوله. (٢)
(وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) ؛ أي : صلّوا مع هؤلاء المسلمين الراكعين. أو يكون حثّا على صلاة الجماعة. وإنّما خصّ الركوع بالذكر ، لأنّ الخطاب لليهود ولم يكن في صلاتهم ركوع ، أو لأنّه أوّل ما يشاهد من أفعال الصلاة. (٣)
[٤٤] (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ)
(أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ). خطاب لعلماء اليهود. وكانوا يقولون لأقربائهم من المسلمين : اثبتوا أنّهم على الإيمان ، وهم لا يؤمنون. والاستفهام معناه التوبيخ. (٤)
(أَفَلا تَعْقِلُونَ). أي بقبح فعلكم فيصدّكم عنه. (٥)
(بِالْبِرِّ). قال : نزلت في القصّاص والخطّاب. وهو قول أمير المؤمنين عليهالسلام : وعلى كلّ منبر خطيب مصقع يكذب على الله وعلى كتابه وعلى رسوله صلىاللهعليهوآله. (٦)
__________________
(١) مجمع البيان ١ / ٢٠٩ ـ ٢١١.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٥٨.
(٣) مجمع البيان ١ / ٢١٣ ـ ٢١٤.
(٤) مجمع البيان ١ / ٢١٥.
(٥) تفسير البيضاويّ ١ / ٥٩.
(٦) تفسير القمّيّ ١ / ٤٦.