أَيْمانِهِمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاسْمَعُوا وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ)
(ذلِكَ أَدْنى) ؛ أي : الحكم الذي تقدّم أو إحلاف الشاهدين أدنى ؛ أي : أقرب أن يأتوا بالشهادة على الوجه الذي حملوها من غير تحريف وخيانة. (أَوْ يَخافُوا) عطف على أن يأتوا. أي : أو أن يخافوا (أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ) إلى أولياء الميّت فيحلفوا ويفتضحوا بخيانتهم ويغرموا بمال يحلفون إذا كانوا كاذبين ويتحفّظون في الشهادة مخافة ردّ اليمين إلى المستحقّ عليهم. (وَاتَّقُوا اللهَ) أن تحلفوا أيمانا كاذبة أو تخونوا (وَاسْمَعُوا) ما توصون به سمع إجابة. (لا يَهْدِي) إلى طريق ثوابه وجنّته. بمعنى أنّه يتركهم وأنفسهم حتّى لا يختاروا تلك الهداية فيصير مأواهم النار. (١)
[١٠٩] (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ)
(يَوْمَ يَجْمَعُ) ؛ أي : اتّقوا عقاب يوم يجمع الله فيه الرسل. (٢)
(ما ذا أُجِبْتُمْ). عن أبي جعفر عليهالسلام : ماذا أجبتم [في] أوصيائكم الذين خلّفتموهم على أممكم؟ قال : فيقولون : لا علم لنا بما فعلوا من بعدنا. (٣)
(يَوْمَ يَجْمَعُ). ظرف لقوله : (لا يَهْدِي). وقيل : بدل من مفعول واتّقوا بدل الاشتمال. أو مفعول واسمعوا على حذف المضاف. أي : واسمعوا خبر يوم جمعه. أو منصوب بإضمار اذكر. (ما ذا أُجِبْتُمْ) : أيّ إجابة أجبتم؟ على أنّ [ماذا] في موضع المصدر. أو : بأيّ شيء أجبتم؟ فحذف الجارّ. وهذا السؤال لتوبيخ قومهم. (لا عِلْمَ لَنا) بما لست تعلمه. (عَلَّامُ الْغُيُوبِ) ، فتعلم ما نعلمه ممّا أجابونا وأظهروا وما لا نعلم ممّا أضمروا في قلوبهم. وفيه التشكّي عنهم وردّ الأمور إلى علمه بما كابدوا منهم. وقيل : المعنى : لا علم لنا إلى جنب علمك. أو : لا علم لنا بما أحدثوا بعدنا. وإنّما الحكم للخاتمة. (٤)
__________________
(١) مسالك الأفهام ٣ / ١٢٦.
(٢) مجمع البيان ٣ / ٤٠٢.
(٣) الكافي ٨ / ٣٣٨ ، ح ٥٣٥.
(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٨٧ ـ ٢٨٨.