بذلك. وبأنّهما لو كانا مسلمين لم يكن الإشهاد بهما مشروطا بالسفر. وبأنّه تعالى أوجب الحلف عليهما والشاهد المسلم لا يجب تحليفه مطلقا. وبأنّ الشاهدين في سبب النزول كانا نصرانيّين. والعامّة لم تجوّزوا شهادة الذمّيّ مطلقا واختلفوا في حمل الآية. فقيل : المراد بها ذلك لكنّه نسخ بقوله : واستشهدوا شهيدين منكم» وقد عرفت أنّ النسخ لا يجري في سورة المائدة. وقيل : المراد بقوله : (مِنْكُمْ) من أقاربكم و (آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) من الأجانب وإن كان الجميع مسلمين. وهذا هو الراجح عند صاحب الكشّاف. (١) وهذا مع كونه خلاف الظاهر يأباه سبب النزول. وثانيها : اشتراط السفر في شهادة الذمّيّين. وبه قال ابن الجنيد وأبو الصلاح وجماعة ؛ للآية ورواية حمران. والأكثر منّا لم يشترط السفر وحملوا التقييد في الآية والأخبار على أنّه الغالب ورواية ضريس دالّة عليه أيضا. وثالثها : جواز إحلاف الشاهدين من أهل الذمّة لمكان التهمة. فقول الرازيّ : إن كان الاثنان شاهدين ، فالحكم منسوخ ، لأنّه لا يحلف الشاهد ، باطل. لأنّ إحلافهما للدليل جائز. وحكوا عن عليّ عليهالسلام أنّه كان يحلف الشاهد والراوي إذا اتّهمهما. وقد اختلف أصحابنا في وجوب إحلافهما بعد العصر. فقال به العلّامة ، وغيره حمله على الإرشاد. (٢)
(اسْتَحَقَّ). قرأ حفص : (اسْتَحَقَّ) على البناء للفاعل وهو الأوليان. (٣)
(الْأَوْلَيانِ). قرأ حمزة ويعقوب وأبو بكر عن عاصم : الأوليين على أنّه صفة الذين أو مبدل منه. (٤)
وما معنى (اسْتَحَقَّ) على البناء للفاعل؟ قلت : معناه : من الورثة الذين استحقّ عليهم الأوليان من بينهم بالشهادة أن يجرّدوهما للقيام بالشهادة ويظهروا بهما كذب الكاذبين. (٥)
[١٠٨] (ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ
__________________
(١) الكشّاف ١ / ٦٨٧.
(٢) مسالك الأفهام ٣ / ١١٩ ـ ١٢٦.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٨٧.
(٤) مسالك الأفهام ٣ / ١١٩.
(٥) الكشّاف ١ / ٦٨٩.