كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)
(لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ). هو ما يبدو من المرء بلا قصد ولا عقد من القلب عليه ؛ كقول الرجل : لا والله ، وبلى والله ، من غير قصد ، وإنّما المراد به تأكيد الكلام ولا يخطر ببالهم الحلف. وفي الكافي عن الصادق عليهالسلام : اللّغو في اليمين قول الرجل : لا والله ، وبلى والله ، ولا يعقد على شىء. و (فِي أَيْمانِكُمْ) صلة يؤاخذكم أو اللّغو لأنّه مصدر. والمراد نفي المؤاخذة في الدنيا بعدم الكفّارة وفي الآخرة بعدم العقاب. (بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ) ؛ أي : بما وثقتم الأيمان عليه بالقصد. أي يؤاخذكم إذا حنثتم. أو المراد : بنكث ما عقدتم ، فحذف المضاف. (١)
ابن عامر : (عَقَّدْتُمُ) بمعنى عقّدتم. وأهل الكوفة : (عَقَّدْتُمُ) بالتخفيف ، والباقون بالتشديد. والمعنى واحد. (ع)
(فَكَفَّارَتُهُ) ؛ أي : كفّارة حنثه. أو : كفّارة نكثه. (عَشَرَةِ مَساكِينَ). فيه دلالة على عدم إجزاء الأقلّ وإن كان إطعام ما يكفي لعشرة. وهو قول الأكثر. وأبو حنيفة جوّز إعطاء مقدار طعام العشرة لواحد. وهو مع مخالفته للنصّ مخالف للحكمة المطلوبة منه أعني حصول مستجاب الدعوة فيما بينهم. نعم ؛ إذا فقدوا جاز إعطاء الواحد. والعشرة ، وإن كانت ظاهرة في الذكور ، إلّا أنّ ذلك محمول على التغليب عندنا. وإطلاق الآية يقتضي جواز كونهم صغارا ، إلّا أنّ أصحابنا قالوا : إن كان كلّهم صغارا ، احتسب كلّ اثنين منهم بواحد. ولو اجتمع الصغار والكبار ، دفع إليهم ما يدفع إلى العشرة. وفي الأخبار دلالة على ذلك. (أَوْ كِسْوَتُهُمْ). عطف على (إِطْعامُ) لكن مقدّرا ، فصحّ عطفه على المصدر. وإطلاق الكسوة ظاهر في الاكتفاء بما يصدق عليه الكسوة لغة وهو الثوب الساتر للعورة كالقميص. أمّا الرداء الكبير ، فيمكن الاكتفاء به. ويحتمل أن يراد من الكسوة الثياب التي يحتاج إليها الإنسان عرفا. كما يقال : يجب كسوة الزوجة على الزوج ، والمراد جميع ما تحتاج إليه. فيجب حينئذ ثوبان كالقميص والعمامة. وعليه جماعة من الأصحاب ، واكتفوا بالواحد في حال
__________________
(١) مسالك الأفهام ٣ / ١٥٥ ـ ١٥٦.