مسارعتهم إلى قبول الحقّ وعدم تأبّيهم عنه. والفيض : أنصباب عن امتلاء ، فوضع موضع الامتلاء للمبالغة. أو جعلت أعينهم من فرط البكاء كأنّها تفيض بأنفسها. (مَعَ الشَّاهِدِينَ) : من الذين شهدوا بأنّه حقّ ، أو بنبوّته. أو : من أمّته الذين هم شهداء على الأمم يوم القيامة. (١)
[٨٤] (وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللهِ وَما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ)
(وَما لَنا). استفهام إنكار لانتفاء الإيمان مع قيام الداعي وهو الطمع في الانخراط مع الصالحين والدخول مداخلهم. أو جواب سائل قال : لم آمنتم؟ و (لا نُؤْمِنُ) حال من الضمير. والعامل ما في اللّام من معنى الفعل. أي : أيّ شيء حصل لنا غير مؤمنين بالله؟ أي بوحدانيّته ـ فإنّهم كانوا مثلّثين ـ أو بكتابه ورسوله. فإنّ الإيمان بهما إيمان به حقيقة وذكره توطئة وتعظيما. (وَنَطْمَعُ). عطف على (نُؤْمِنُ). أو خبر محذوف والواو للحال. أي : ونحن نطمع. والعامل فيها عامل الأولى مقيّدا بها أو نؤمن. (٢)
(وَما لَنا) ؛ أي : لأىّ عذر لا نؤمن؟ وهذا جواب لمن قال لهم من قومهم تعنيفا لهم : لم آمنتم؟ عن الزجّاج. وقيل : إنّهم قدّروا في أنفسهم كأنّ سائلا سألهم عنه فأجابوه بذلك. (مِنَ الْحَقِّ) ؛ أي : القرآن والإسلام. (٣)
[٨٥] (فَأَثابَهُمُ اللهُ بِما قالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ)
(بِما قالُوا). أي من التوحيد. وقد سبق ما يدلّ على إخلاصهم فيما قالوه من قوله : (مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ) والبكاء المؤذن بحقيقة الإخلاص. والقول إذا اقترن به المعرفة و
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٧٩ ـ ٢٨٠.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٨٠.
(٣) مجمع البيان ٣ / ٣٦٢.