(ما لا يَمْلِكُ). يعني عيسى. وهو إن ملك ذلك بتمليك الله إيّاه ، لا يملكه من ذاته ولا يملك مثل ما يضرّ الله به من البلايا والمصائب وما ينفع به من الصحّة والسعة. وإنّما قال : (ما) نظرا إلى ما هو عليه في ذاته ، توطئة لنفي القدرة عنه رأسا وتنبيها على أنّه من هذا الجنس ومن كان في الحقيقة يقبل المجانسة والمشاركة ، فبمعزل عن الألوهيّة. وانّما قدّم الضرّ لأنّ التحرّز عنه أهمّ من تحرّي النفع. (السَّمِيعُ) بالأقوال. (الْعَلِيمُ) بالعقائد. (١)
(وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ). متعلّق بأتعبدون. أي : أتشركون بالله ولا تخشونه؟ وهو الذي يسمع ما تقولون ويعلم ما تعتقدون. أو : أتعبدون العاجز؟ والله هو السميع العليم الذي يصحّ منه أن يسمع كلّ مسموع ويعلم كلّ معلوم ولن يكون كذلك إلّا وهو حيّ قادر. (٢)
[٧٧] (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ)
(فِي دِينِكُمْ) فترفعوا عيسى إلى أن تدّعوا [له] الإلهيّة أو تضعوه فتدّعوا أنّه لغير رشدة. وقيل : الخطاب للنصارى خاصّة. (٣)
(غَيْرَ الْحَقِّ). صفة للمصدر. أي : غلوّا باطلا. لأنّ الغلوّ في الدين غلوّان : حقّ ، وهو أن يفحص عن حقائقه ويفتّش عن أباعد معانيه ويجتهد في تحصيل حججه ، كما يفعله المتكلّمون من أهل العدل والتوحيد ؛ وغلوّ باطل ، وهو أن يتجاوز الحقّ ويتخطّاه بالإعراض عن الأدلّة واتّباع الشبه ، كما يفعله أهل الأهواء والبدع. (وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ). هم أئمّتهم في النصرانيّة كانوا على الضلال قبل مبعث رسول الله. (وَأَضَلُّوا كَثِيراً) ممّن شايعهم على التثليث. (وَضَلُّوا) لمّا بعث رسول الله صلىاللهعليهوآله (عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ) حين كذّبوه وحسدوه. (٤)
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٧٨.
(٢) الكشّاف ١ / ٦٦٥.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٧٨.
(٤) الكشّاف ١ / ٦٦٦.