[٦٩] (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)
(الصَّابِئُونَ). سمّوا به لأنّهم صبؤوا عن الأديان كلّها ؛ أي : خرجوا. (الصَّابِئُونَ). قراءة النصب لابن كثير. (١)
(الصَّابِئُونَ). قرئ : «والصابئين» وهو الظاهر. (وَالصَّابِئُونَ). رفع على الابتداء. وخبره محذوف والنيّة به التأخير عمّا في حيّز إنّ. والتقدير : إنّ الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى ، حكمهم كذا ، والصابئون كذلك. كقوله : فإني وقيار بها لغريب». وهو كاعتراض دلّ على أنّه لمّا كان الصابئون مع ظهور ضلالهم وميلهم عن الأديان كلّها يتاب عليهم إن صحّ منهم الإيمان والعمل الصالح ، كان غيرهم أولى بذلك. ويجوز أن يكون النصارى معطوفا عليه و (مَنْ آمَنَ) خبرهما وخبر إنّ مقدّر دلّ عليه ما بعده. كقوله :
نحن بما عندنا وأنت بما |
|
عندك راض والرأى مختلف |
ولا يحوز عطفه على محلّ إنّ واسمها ، فإنّه مشروط بالفراغ من الخبر ـ إذ لو عطف عليه قبله ، كان الخبر خبر المبتدأ وخبر إنّ معا فيجتمع عليه عاملان ـ ولا على الضمير في هادوا ، لعدم التأكيد والفصل. وقيل : إنّ بمعنى نعم وما بعده في موضع الرفع بالابتداء. وقيل : الصابئون منصوب بالفتحة. وذلك كما جوّزوا بالياء جوّزوا بالواو. (مَنْ آمَنَ). في محلّ الرفع بالابتداء وخبره (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ). والجملة خبر إنّ أو خبر المبتدأ كما مرّ. والراجع محذوف. أي : منهم. أو النصب على البدل من اسم إنّ وما عطف عليه. و (الصَّابِئُونَ). من صبوت ، لأنّهم صبوا إلى اتّباع الشهوات ولم يتّبعوا شرعا ولا عقلا. (٢)
(مَنْ آمَنَ). فإن قلت : كيف قيل : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) ثمّ قيل : (مَنْ آمَنَ بِاللهِ)؟ قلت : فيه وجهان. أحدهما أن يراد بالّذين آمنوا الذين آمنوا بألسنتهم ـ وهم المنافقون ـ وأن يراد بمن
__________________
(١) الكشّاف ١ / ٦٦١ ـ ٦٦٢.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٧٦ ـ ٢٧٧.