وفي كتاب الاحتجاج عن الباقر عليهالسلام أنّ الآية هكذا نزلت : يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك في علي عليهالسلام وإن لم تفعل ـ الآية. (١)
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم أنّه لمّا نصب عليّا علما للناس بغدير خمّ ، قال أصحابه الذين ارتدّوا بعده : إن رجع النبيّ إلى المدينة يأخذنا بالبيعة له. فاجتمع أربعة عشر نفرا وتآمروا على قتل رسول الله. وقعدوا في العقبة ـ وهي عقبة الهرشيّ ـ بين الجحفة والأبواء. فقعدوا سبعة عن يمين العقبة وسبعة عن يسارها ، لينفروا ناقة رسول الله صلىاللهعليهوآله. فلمّا جنّ اللّيل ، تقدّم رسول الله العسكر ، فأقبل ينعس على ناقته ولم يكن معه إلّا حذيفة بن اليمان. فأخبره جبرئيل عن الرجال وأسمائهم. فلمّا دنا من العقبة ، ناداهم بأسمائهم فانهزموا ودخلوا في غمار الناس. وعاتبهم من الغد ، فحلفوا أنّهم ما همّوا بشيء من ذلك وهم كاذبون. (٢)
وفيه أيضا عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : لمّا أمر الله نبيّه صلىاللهعليهوآله بنصب أمير المؤمنين عليهالسلام للناس في قوله : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ) ـ الآية ـ جاءت الأبالسة إلى إبليس الأكبر وحثوا التراب على رؤوسهم. فقال إبليس : ما لكم؟ فقالوا : إنّ هذا الرجل قد عقد اليوم عقدة لا يحلّها شيء إلى يوم القيامة. فقال لهم إبليس : كلّا إنّ الذين حوله وعدوني فيه عدة لن يخلفوني. فأنزل الله على نبيّه : (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ) ـ الآية (٣). (٤)
أقول : الأخبار الواردة في شأن نزول هذه الآية كما تقدّم متواتره. ويا ليتهم لمّا نقلوا أخبار الغدير وأوّلوها ، نقلوا هذه الأخبار مثلها. (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).
(وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ) : إن لم تبلّغ جميعه كما أمرتك ، فما أدّيت شيئا منها. لأنّ كتمان بعضها يضيع ما أدّي منها ؛ كترك بعض أركان الصلاة. فإنّ غرض الدعوة ينتقض به. أو : فكأنّك ما بلّغت
__________________
(١) الاحتجاج ١ / ٦٦ ـ ٨٦.
(٢) تفسير القمّيّ ١ / ١٧١ ـ ١٧٥.
(٣) سبأ (٣٤) / ٢٠.
(٤) تفسير القمّيّ ٢ / ٢٠١.