(فَتَيَمَّمُوا) ؛ أي : فاقصدوا شيئا من الصعيد طاهرا. قال في الصحاح : الصعيد التراب. وفي القاموس عن الزجّاج أنّه وجه الأرض وإن لم يكن ترابا. ومن ثمّ اختلف في جوازه على الحجر. فأكثر علمائنا على الجواز ، لصدق الصعيد عليه ، مع تأييد قوله تعالى : (صَعِيداً زَلَقاً). والمراد الصخرة الأملس. وعليه أبو حنيفة وأصحابه. وآخرون على عدم الجواز وأيّدوه بقوله : (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) ؛ أي : من بعضه ، كما هو مقتضى من التبعيضيّة ، وهو لا يتأتّى في الصخر الذي لا تراب عليه. وقولهم انّ من هنا للابتداء ، مردود بصحيح زرارة عن الباقر عليهالسلام. فإنّه صريح في إرادة التبعيض. وادّعى الزمخشريّ أنّه لا يفهم منها إلّا التبعيض وحاصلها أنّه يشترط علوق شيء من التراب ليمسح به. فقول الفاضل رحمهالله أنّ الآية خالية من اشتراط العلوق لاشتراك لفظة من بين التبعيض والابتداء ، لا يخفى ما فيه.
(ما يُرِيدُ اللهُ) ؛ أي : ما يريد الأمر بالطهارة للصلاة أو الأمر بالتيمّم تضييقا عليكم. (لِيُطَهِّرَكُمْ) ؛ أي : لينظّفكم. أو : ليطهّركم من الذنوب. فإنّ الوضوء يكفّر الذنوب. أو : ليطهّركم بالتراب عند عدم الماء وليتمّ بشرعه ما هو مطهّرة لأبدانكم ومكفّرة لذنوبكم. (تَشْكُرُونَ) نعمته. (١)
[٧] (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ)
(عَلَيْكُمْ) بالإسلام ، ليذكّركم المنعم ويرغّبكم في شكره. (٢)
(وَمِيثاقَهُ). قيل : المراد من الميثاق ما أخذ عليهم حين أخرجهم من صلب آدم وخاطبهم : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ)(٣). (٤)
(وَمِيثاقَهُ). يعني الميثاق الذي أخذه على المسلمين حين بايعهم رسول الله صلىاللهعليهوآله على
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٥٧.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٥٧.
(٣) الأعراف (٧) / ١٧٢.
(٤) مجمع البيان ٣ / ٢٦٠.