بربوبيّته. وهو قوله : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ). (١) وعهد خصّ به الأنبياء أن يبلّغوا رسالته. وهو قوله : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ). (٢) وعهد خصّ به العلماء. وهو قوله : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ)(٣). (٤)
(الَّذِينَ يَنْقُضُونَ). في موضع النصب صفة للفاسقين. و (عَهْدَ اللهِ) هو ما ركّبه في عقولهم من أدلّة التوحيد والعدل ، وما احتجّ به لرسله من المعجزات الدالّة على صدقهم. ونقضهم لذلك ، تركهم الإقرار به. أو : انّ العهد وصيّة الله إلى خلقه على لسان نبيّه صلىاللهعليهوآله بما أمرهم به من طاعته ونهاهم عنه وتركوا العمل به. أو : انّ المراد به كفّار أهل الكتاب. وعهد الله هو ما أخذه عليهم في التوراة من اتّباع محمّد. ونقضهم لذلك جحودهم به وكتمانهم له. (وَيَقْطَعُونَ). أي صلة الأرحام ، أو كلّ ما أمر الله بصلته. (وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) ؛ أي : يقطعون الطرق. أو كلّ معصية ؛ فإنّها فساد. (٥)
[٢٨] (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٨))
استخبار فيه إنكار وتعجيب لكفرهم بإنكار الحال التي يقع الكفر عليها ، على الطريق البرهانيّ. لأنّ صدوره لا ينفكّ عن حال وصفة ، فإذا أنكر أن يكون لكفرهم حال يوجد عليها ، استلزم ذلك إنكار وجوده. فهو أبلغ وأقوى في إنكار الكفر من «أتكفرون». والخطاب مع الذين كفروا. لمّا وصفهم بالكفر وسوء المقال ، خاطبهم على طريق الالتفات ووبّخهم على كفرهم. والمعنى : أخبروني على أيّ حال تكفرون؟ (وَكُنْتُمْ أَمْواتاً) ؛ أي : أجسادا لا حياة لها عناصر وأغذية وأخلاطا ومضغا فأحياكم بخلق الأرواح ونفخها فيكم. وإنّما عطفه بالفاء لأنّه متّصل بما عطف عليه غير متراخ عنه بخلاف البواقي. (ثُمَ
__________________
(١) الأعراف (٧) / ١٧٢.
(٢) الأحزاب (٣٣) / ٧.
(٣) آل عمران (٣) / ١٨٧.
(٤) الكشّاف ١ / ١٢٠.
(٥) مجمع البيان ١ / ١٦٩.