(ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ)؟ أيتشفّى غيظا؟ أو يدفع ضررا؟ أو يستجلب نفعا؟ وهو الغنيّ المتعالي عن النفع والضرّ. وإنّما يعاقب المصرّ بكفره. وإنّما قدّم الشكر لأنّ الناظر يدرك النعمة أوّلا فيشكر شكرا مبهما ثمّ يمعن النظر حتّى يعرف المنعم فيؤمن به. (شاكِراً) : مثيبا يقبل اليسير ويعطي الجزيل. (عَلِيماً) بحقّ شكركم وإيمانكم. (١)
[١٤٨] (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكانَ اللهُ سَمِيعاً عَلِيماً)
(لا يُحِبُّ اللهُ) ـ الآية ـ أي : لا يحبّ أن يظهر الرجل الظلم والسوء ويظلم إلّا من ظلم. فقد أطلق له أن يعارضه بالظلم. وفي حديث آخر في تفسير هذا قال : إن جاءك رجل وقال فيك ما ليس فيك من الخير والثناء والعمل الصالح ، فلا تقبله منه وكذّبه. [فقد ظلمك.] كذا في تفسير عليّ بن إبراهيم. (٢)
وفي مجمع البيان : (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ). قيل في معناه أقوال. أحدها : لا يحبّ الله الشتم في الانتصار إلّا من ظلم. فلا بأس له أن ينتصر ممّن ظلمه بما يجوز الانتصار به في الدين. وهو المرويّ عن أبي جعفر عليهالسلام. وروي عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه الضيف ينزل بالرجل فلا يحسن ضيافته ، فلا جناح عليه في أن يذكر بسوء ما فعله. [وثانيها :] لا يحبّ الله الجهر بالدعاء على أحد إلّا أن يظلم إنسان فيدعو على من ظلمه ، فلا يكره ذلك. أو يكون المراد : لا يحبّ أن يذمّ أحد أحدا ، أو يشكوه ، أو يذكره بالسوء ، إلّا أن يظلم ، فيجوز له أن يشكو ظالمه ويظهر أمره ويذكره بسوء ما قد صنعه ليحذره الناس. (٣)
(إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) : إلّا جهر من ظلم بالدعاء على الظالم والتظلّم منه. (سَمِيعاً) لكلام المظلوم. (عَلِيماً) بالظالم. (٤)
[١٤٩] (إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً)
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٤٥.
(٢) تفسير القمّيّ ١ / ١٥٧.
(٣) مجمع البيان ٣ / ٢٠١ ـ ٢٠٢.
(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٤٥.