بِاللهِ) [(وَكَفى بِاللهِ)] جمل اعترضت بين البيان والمبيّن. أو بيان لأعدائكم. أو صلة لنصيرا. أي : ينصركم من الذين هادوا. كقوله : (وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا). (١) ويجوز أن يكون كلاما مبتدأ على أنّ (يُحَرِّفُونَ) صفة مبتدأ محذوف. تقديره : من الذين هادوا قوم يحرّفون. ومعنى قوله : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ) : يميلون عنها ويزيلونها. لأنّهم إذا وضعوا مكانه كلما غيره ، فقد أمالوه عن مواضعه التي وضعه الله فيها. (غَيْرَ مُسْمَعٍ). حال من المخاطب. أي : اسمع وأنت غير مسمع. وهو قول ذو وجهين يحتمل الذمّ. أي : اسمع منّا مدعوّا عليك بلا سمعت. لأنّه لو أجيبت دعوتهم عليه ، لم يسمع فكأنّه أصمّ غير مسمع. قالوا ذلك اتّكالا على أنّ قولهم : لا سمعت ، دعوة مستجابة. أو : اسمع غير مجاب. أو : اسمع غير مسمع كلاما ترضاه فسمعك عنه ناب. ويجوز على هذا أن يكون غير مسمع مفعول اسمع. أي : اسمع كلاما غير مسمع إيّاك. لأنّ أذنك لا تعيه نبوّا عنه. ويحتمل المدح. أي : اسمع غير مسمع مكروها. من قولك : أسمع فلان فلانا ، إذا سبّه. وكذلك قولهم : (راعِنا) يحتمل : راعنا نكلّمك ؛ أي : ارقبنا وانتظرنا. ويحتمل شبه كلمة عبرانيّة أو سريانيّة كانوا يتسابّون بها ؛ وهي : راعينا. فكانوا ـ سخريّة بالدين وهزؤا لرسول الله صلىاللهعليهوآله ـ يكلّمونه بكلام محتمل ينوون به الشتيمة والإهانة ويظهرون به التوقير والإكرام. (لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ) : فتلا بها وتحريفا. أي : يفتلون بألسنتهم الحقّ إلى الباطل حيث يضعون راعنا موضع انظرنا وغير مسمع موضع لا سمعت مكروها. فإن قلت : كيف جاؤوا بالقول المحتمل ذي الوجهين بعد ما صرّحوا وقالوا سمعنا وعصينا؟ قلت : جميع الكفّار كانوا يواجهونه بالكفر والعصيان ولا يواجهونه بالسبّ ودعاء السوء. ويجوز أن يقولوه فيما بينهم. (٢)
(يُحَرِّفُونَ) ؛ أي : يؤوّلونه على ما يشتهونه فيميلونه عمّا أنزل الله فيه. (سَمِعْنا) قولك. (وَ
__________________
(١) الأنبياء (٢١) / ٧٧.
(٢) الكشّاف ١ / ٥١٦ ـ ٥١٨.