عَظِيمٌ).
عن أبي محمّد العسكريّ عليهالسلام : أي : وسمها بسمة يعرفها من يشاء من ملائكته إذا نظروا إليها بأنّهم الذين لا يؤمنون. (وَعَلى سَمْعِهِمْ) كذلك بسمات. (وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ). وذلك بأنّهم لمّا أعرضوا عن النظر فيما كلّفوه وجهلوا ما لزمهم من الإيمان ، فصاروا كمن على عينيه غشاوة لا يبصر. (١)
(خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) ؛ أي : شهد عليها بأنّها لا تقبل الحقّ. كقولك : قد ختمت عليك بأنّك لا تعلم ؛ أي : شهدت. وقال قوم : إنّ ذلك على وجه الدعاء عليهم لا الإخبار عنهم. وهو ممكن على نصب (غِشاوَةٌ). (٢)
(غِشاوَةٌ). بالرفع على الابتداء. وقرئ بالنصب. أي : وجعلنا. (٣)
عن الصادق عليهالسلام : الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه : فمنها كفر الجحود على وجهين ، والكفر بترك ما أمر الله ، وكفر البراءة ، وكفر النعم. فأمّا كفر الجحود ، فهو الجحود بالربوبيّة. وهو قول من يقول : لا ربّ ولا جنّة ولا نار. وهو قول صنفين من الزنادقة يقال لهم الدهريّة وهم الذين يقولون : (وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ). (٤) وهو دين وضعوه لأنفسهم على غير تحقيق منهم لشيء ممّا يقولون. قال الله عزوجل : (إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ). (٥) وقال : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ). يعني بتوحيد الله. فهذا أحد وجوه الكفر. (٦)
(خَتَمَ اللهُ). الختم : الطبع بالخاتم. وفيه وجوه من التأويل. الأوّل : انّ القوم لمّا أعرضوا عن الحقّ وتمكّن ذلك في قلوبهم حتّى صار كالطبيعة لهم ، شبّه بالوصف الخلقيّ المجبول عليه. الثاني : انّ المراد به تمثيل حال قلوبهم بقلوب البهائم التي خلقها الله تعالى خالية عن الفطن. الثالث : انّ ذلك فعل الشيطان حقيقة أو الكافر ، لكن لمّا كان صدوره عنه بإقداره تعالى إيّاه ،
__________________
(١) الاحتجاج ٢ / ٢٦٠.
(٢) التبيان ١ / ٦٣ و ٦٥.
(٣) الكشّاف ١ / ٥٣.
(٤) الجاثية (٤٥) / ٢٤.
(٥) البقرة (٢) / ٧٨.
(٦) الكافي ٢ / ٣٩.