النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ)
(كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ). وعد ووعيد للمصدّق والمكذّب. (١)
عن زرارة قال : كرهت أن أسأل أبا جعفر عليهالسلام عن الرجعة واستخفيت ذلك. قلت : لأسألنّ مسألة لطيفة أبلغ فيها حاجتى ، فقلت : أخبرني عمّن قتل أمات؟ قال : لا ؛ الموت موت ، والقتل قتل. فقلت : ما أحد يقتل إلّا وقد مات؟ فقال : قول الله أصدق من قولك. فرّق بينهما في القرآن فقال : (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ). (٢) وقال : (لَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ)(٣) ليس كما قلت يا زرارة. الموت موت ، والقتل قتل. قلت : فإنّ الله يقول : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ)؟ قال : من قتل لم يذق الموت. ثمّ قال : لا بدّ من أن يرجع حتّى يذوق الموت. (٤)
(وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ) ؛ أي : لا توفّونها بعد الموت وإنّما توفّونها يوم القيامة. (٥)
(أُجُورَكُمْ) : جزاء أعمالكم خيرا كان أو شرّا تامّا وافيا. (يَوْمَ الْقِيامَةِ) : يوم قيامكم عن القبور. ولفظ التوفية يشعر بأنّه قد يكون قبلها بعض الأجور. ويؤيّده قوله عليهالسلام : القبر روضة من رياض الجنّة أو حفرة من حفر النار. (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ) : بعد عنها. (فَقَدْ فازَ) بالنجاة ونيل المراد. (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا) : لذّاتها وزخارفها (إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ). شبّهها بالمتاع الذي يدلّس به على المشتري ويغرّ حتّى يشتريه. والمدلّس هو الشيطان. وهذا لمن آثرها على الآخرة. فأمّا من طلب بها الآخرة ، فهي له متاع بلاغ. والغرور مصدر أو جمع غارّ. (٦)
(كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ). عن الصادق عليهالسلام قال : يموت أهل الأرض حتّى لا يبقى أحد إلّا ملك الموت وحملة العرش وجبرئيل وميكائيل عليهمالسلام. فيجيء ملك الموت حتّى يقوم بين يدي الله. فيقال له : من بقي؟ وهو أعلم. فيقول : يا ربّ لم يبق إلّا ملك الموت وحملة العرش وجبرئيل وميكائيل. فيقال له : قل لجبرئيل وميكائيل ، فليموتا. فيقول الملائكة عند ذلك :
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ١٩٤.
(٢) آل عمران (٣) / ١٤٤.
(٣) آل عمران (٣) / ١٥٧.
(٤) تفسير العيّاشيّ ١ / ٢٠٢.
(٥) جوامع الجامع ١ / ٢٦٤.
(٦) تفسير البيضاويّ ١ / ١٩٤.