تجارات فباعوا وأصابوا الدرهم درهمين وانصرفوا إلى المدينة سالمين غانمين. (١)
[١٧٥] (إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)
(إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ). الشيطان خبر ذلكم. يعني : إنّما ذلكم المثبّط هو الشيطان. و (يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ) جملة مستأنفة بيان لشيطنته. أو الشيطان صفة لاسم الإشارة ويخوّف الخبر. والمراد بالشيطان نعيم أو أبو سفيان. ويجوز أن يكون على تقدير حذف المضاف. أي : إنّما ذلكم قول الشيطان ؛ أي : قول إبليس لعنه الله. (يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ) : يخوّفكم أولياءه الذين هم أبو سفيان وأصحابه. وقيل : يخوّف أولياءه القاعدين عن الخروج مع رسول الله صلىاللهعليهوآله. فإن قلت : فإلام رجع الضمير في (فَلا تَخافُوهُمْ) على هذا التفسير؟ قلت : إلى الناس في قوله : (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ) فلا تخافوهم فتقعدوا عن القتال وتجبنوا ، وخافوني فجاهدوا مع رسولي وسارعوا إلى ما يأمركم. (مُؤْمِنِينَ). يعني أنّ الإيمان يقتضي أن تؤثروا خوف الله على خوف الناس. (٢)
[١٧٦] (وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ)
(يُسارِعُونَ) ؛ أي : يقعون فيه سريعا ويرغبون فيه أشدّ رغبة. وهم الذين نافقوا من المتخلّفين. وقيل : هم قوم ارتدّوا عن الإسلام. فإن قلت : فما معنى قوله : (وَلا يَحْزُنْكَ)؟ ومن حقّ الرسول أن يحزن لنفاق من نافق وارتداد من ارتدّ. قلت : معناه : لا يحزنك لخوف أن يضرّوك ويعينوا عليك. ألا ترى إلى قوله : (إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً)؟ يعنى أنّهم لا يضرّون بمسارعتهم في الكفر غير أنفسهم. (يُرِيدُ اللهُ). بيّن كيف يعود وباله عليهم بقوله :
__________________
(١) مجمع البيان ٢ / ٨٨٨.
(٢) الكشّاف ١ / ٤٤٣.