وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)
(الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ) ؛ يعني : الركب الذي استقبلهم من عبد قيس أو نعيم بن مسعود الأشجعيّ. وأطلق عليه الناس لأنّه من جنسهم. (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ). يعني أبا سفيان وأصحابه. وروي أنّه نادى عند انصرافه من أحد : يا محمّد ، موعدنا موسم بدر لقابل إن شئت. فقال عليهالسلام : إن شاء الله. فلمّا كان القابل ، خرج أبو سفيان في أهل مكّة حتّى نزل من الظهران. فأنزل الله الرعب في قلبه وبدا له أن يرجع. فمرّ به ركب من عبد قيس يريدون المدينة للميرة ، فشرط لهم حمل بعير من زبيب إن ثبّتوا المسلمين. وقيل : لقي نعيم بن مسعود وقد قدم معتمرا فسأله ذلك والتزم له عشرا من الإبل. فخرج نعيم فوجد المسلمين يتجهّزون. فقال لهم : أتوكم في دياركم فلم يفلت منكم أحد إلّا شريد. أفترون أن تخرجوا وقد جمعوا لكم؟ ففتروا. فقال صلىاللهعليهوآله : والذي نفسي بيده ، لأخرجنّ ولو لم يخرج معي أحد. فخرج في سبعين راكبا وهم يقولون : (حَسْبُنَا اللهُ) ـ الآية. (١)
(الَّذِينَ) ـ الآية. عن الباقر عليهالسلام قال : لمّا وجّه النبيّ صلىاللهعليهوآله أمير المؤمنين عليهالسلام وعمّار بن ياسر إلى أهل مكّة وفيها صناديد قريش ، قال الأعرابيّان : بعث هذا الصبيّ؟ ولو بعث غيره! والله الكفر أولى بنا ممّا نحن فيه. فساروا بعد أن خوّفوهما بأهل مكّة وغلّظوا عليهما بالأمر. فقال عليّ عليهالسلام : (حَسْبُنَا اللهُ) ـ الآية. ومضيا. فلمّا دخلا مكّة ، أخبر الله نبيّه صلىاللهعليهوآله بقولهم لعليّ وقول علىّ عليهالسلام لهم فأنزل الله قوله : (أَلَمْ تَرَ) ـ الآية. ثمّ قال عليهالسلام : إنّما نزلت : ألم تر إلى فلان وفلان لقيا عليّا عليهالسلام وعمّارا وقالا : إنّ أبا سفيان وعبد الله بن عامر وأهل مكّة قد جمعوا لكم فاخشوهم ـ الآية. (٢)
(فَزادَهُمْ). الضمير المستكنّ للمقول ، أو لمصدر (قالَ) والمعنى : لم يلتفتوا إليه ولم يضعفوا بل ثبت به يقينهم بالله وازداد إيمانهم فأظهروا حميّة الإسلام وأخلصوا النيّة عنده. وهو دليل على أنّ الإيمان يزيد وينقص. كما روي أنّه يزيد حتّى يدخل صاحبه الجنّة ، و
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ١٩٠.
(٢) تفسير العيّاشيّ ١ / ٢٠٦.