الله إيّاكم؟ (١)
[١٦١] (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)
(أَنْ يَغُلَّ). نافع بضمّ الياء وفتح الغين. على قراءة ضمّ الياء معناه : أن يوجد غالّا. فيكون معنى القراءتين واحدا. (٢)(وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ) ـ الآية ـ أي : لا يجتمع النبوّة والخيانة. أو : ما كان له أن يكتم شيئا من الوحي على أمّته. وعلى القراءة الأخرى معناه : ما كان لنبيّ أن يخوّنه أصحابه وأن يكتمونه شيئا من المغنم. وخصّ صلىاللهعليهوآله بالذكر ، وإن لا يجوز أن يغلّ غيره ، لعظم خيانته وأنّها أعظم من خيانة غيره. عن ابن عبّاس أنّها نزلت في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر من المغنم ، فقال بعضهم : لعلّ النبيّ صلىاللهعليهوآله أخذها. وقيل : إنّها نزلت في غنائم أحد ، حين ترك الرماة المركز طلبا للغنيمة وقالوا : نخشى أن يقول رسول الله صلىاللهعليهوآله : من أخذ شيئا فهو له ، ولا يقسم كما لم يقسم يوم بدر ، [و] وقعوا في الغنائم. فقال صلىاللهعليهوآله : ظننتم أنّا نغلّ ولا نقسم لكم؟ فأنزل الله تعالى الآية. وقيل : إنّها نزلت في أداء الوحي. كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يقرأ القرآن وفيه عيب دينهم وسبّ آلهتهم. فسألوه أن يطوي ذلك. (يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ). معناه : انّه يأتي به حاملا على ظهره. كما روي في خبر طويل : ألا لا يغلّنّ أحد بعيرا فيأت به على ظهره يوم القيامة له رغاء. ألا لا يغلّنّ أحد فرسا فيأتي به على ظهره له حمحمة فيقول : يا محمّد ، يا محمّد صلىاللهعليهوآله. فأقول : قد بلّغت. قد بلّغت. لا أملك لك من الله شيئا. (ثُمَّ تُوَفَّى). أي : يعطي كلّ نفس جزاء ما عملت وافيا كاملا. (لا يُظْلَمُونَ) ؛ أي : لا ينقص أحد عن مقدار جزائه. (٣)
__________________
(١) مجمع البيان ٢ / ٨٧٠.
(٢) في المصدر : «ومن قرأ : «يَغُلَّ» فمعناه على وجهين. أحدهما : ما كان لنبيّ أن يخوّن ... والآخر : ما كان لنبيّ أن يخان؟» وما في المتن مأخوذ من الكشّاف ١ / ٤٣٣ ولا يلائم ما يأتي بعده في تفسير الآية على قراءة نافع.
(٣) مجمع البيان ٢ / ٨٧١ ـ ٨٧٤.