[١٣٣] (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)
ذهب جمهور المسلمين إلى أنّ الجنّة والنار مخلوقتان الآن. وذهب طائفة من المعتزلة ـ وربما حكى عن السيّد ـ إلى أنّهما سيخلقان في القيامة. والآيات والأخبار والإجماع مصادمة لهذا القول ، فلا يعبأ به. وأمّا مكانهما ، فأخبارنا دالّة على أنّ الجنّة الآن فوق السموات وسقفها العرش. وأمّا النار فهي تحت الأرضين. وعليه جمهور المسلمين.
قال شارح المقاصد : جمهور المسلمين على أنّ الجنّة والنار مخلوقتان الآن ، خلافا لأبي هاشم والقاضي عبد الجبّار ومن يجري مجراهما من المعتزلة حيث زعموا أنّهما يخلقان يوم الجزاء. لنا وجهان. الأوّل. قصّة آدم وحوّاء وإسكانهما الجنّة ثمّ إخراجهما ، على ما نطق به الكتاب والسنّة وانعقد عليه الإجماع قبل ظهور المخالف. وحملها على بستان من بساتين الدنيا يجري مجرى التلاعب بالدين والمراغمة لإجماع المسلمين. ثمّ لا قائل بخلق الجنّة دون النار ، فثبوتها ثبوتها. الثاني : الآيات الصريحة في ذلك ؛ كقوله تعالى : (عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى * عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) وقوله : (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) و (أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ). وحملها على التعبير عن المستقبل بلفظ الماضي مبالغة في التحقّق ، خلاف الظاهر ، فلا يعدل إليه بدون قرينة. ولم يرد نصّ صريح في مكان الجنّة والنار. والأكثرون على أنّ الجنّة فوق السموات السبع وتحت العرش تشبّثا بقوله تعالى : (عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى * عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) وقوله عليهالسلام : سقف الجنّة عرش الرحمن. والنار تحت الأرضين السبع. والحقّ تفويض ذلك إلى علم الخبير (١). انتهى.
(وَسارِعُوا) إلى ما يستحقّ به المغفرة كالإسلام والتوبة والإخلاص. وقرأ نافع : «سارعوا» بلا واو. (عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) ؛ أي : كعرضهما. وذكر العرض للمبالغة في وصفها بالسعة على طريقة التمثيل لأنّه دون الطول. وعن ابن عبّاس : كسبع سموات و
__________________
(١) شرح المقاصد ٥ / ١٠٨ ـ ١٠٩.