فَوْرِهِمْ) ؛ أي : رجعوا اليكم بعد إنصرافهم ، أمدّكم ـ الآية. وهذا قول عكرمة. قال : [لم] يمدّوا يوم أحد ولا بملك واحد. وعلى هذا لا تنافي بين الآيتين. (١)
(إِذْ تَقُولُ). اختلف المفسّرون في أنّ هذا القول حصل يوم بدر فيكون العامل فيه (نَصَرَكُمُ) ، أو حصل يوم أحد فيكون بدلا ثانيا من (إِذْ غَدَوْتَ). والأوّل قول أكثر المفسّرين. لأنّ الكلام متّصل بقصّة بدر. لأنّ العدد يوم بدر أقلّ فكان الاحتياج إلى المدد أكثر. والثاني مرويّ عن ابن عبّاس ، لأنّ المدد يوم بدر كان بألف من الملائكة ـ لقوله في الأنفال : (أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ)(٢) ـ دون ثلاثة آلاف وخمسة آلاف. وأجيب بأنّهم أمدّوا بألف ثمّ زيد ألفان فصار ثلاثة آلاف ، ثمّ زيد ألفان آخران فصار خمسة آلاف ، فكأنّه قيل لهم : ألن يكفيكم ربّكم أن يمدّكم بألفين من الملائكة؟ فقالوا : بلى. ثمّ [قيل :] ألم يكفكم أن يمدّكم بثلاثة آلاف؟ فقالوا : بلى. ثمّ قيل لهم : إن تصبروا وتتّقوا ، يمددكم بخمسة آلاف. (٣)
(إِذْ تَقُولُ). ظرف لنصركم ، على أن يقول لهم ذلك [يوم بدر]. أو بدل ثان من (إِذْ غَدَوْتَ) على أن يقول لهم يوم أحد. فإن قلت : كيف يصحّ أن يقول لهم يوم أحد ولم تنزل فيه الملائكة؟ قلت : قال لهم مع اشتراط الصبر والتقوى عليهم فلم يصبروا ولم يتّقوا عن الغنائم حيث خالفوا أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله فلذلك لم تنزل الملائكة. ولو تمّوا ما شرط عليهم ، لنزلت. (٤)
(مُنْزَلِينَ). قرأ ابن عامر بالتشديد للتكثير أو للتدريج. (٥)
[١٢٥] (بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ)
(بَلى). أي : بلى يكفيكم الإمداد بهم. ثمّ قال : (إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا) يمددكم بأكثر من
__________________
(١) مجمع البيان ٢ / ٨٢٨ ـ ٨٢٩.
(٢) الأنفال (٨) / ٩.
(٣) تفسير النيسابوريّ ٤ / ٦٢.
(٤) الكشّاف ١ / ٤١١.
(٥) تفسير البيضاويّ ١ / ١٧٩.