الْكِتابِ) ابتداء كلام. أي : ليس الذين ذكرنا من أهل الكتاب سواء. أي : ليس الذين آمنوا من أهل الكتاب في الدرجة كمن لم يؤمن منهم. ثمّ استأنف وبيّن افتراقهم. (أُمَّةٌ) ؛ أي : جماعة ثابتة على أمر الله أو قائمة بطاعة الله. (آناءَ اللَّيْلِ) : ساعاته. وقيل : جوف اللّيل. وقيل : وقت صلاة العتمة. لأنّ أهل الكتاب لا يصلّونها. (وَهُمْ يَسْجُدُونَ). المراد السجود المعروف في الصلاة. فيكون معناه : وهم مع ذلك يسجدون. وقيل : معناه : يصلّون. فعبّر بالسجود عن الصلاة. (١)
[١١٤] (يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ)
(يُسارِعُونَ) ؛ أي : يبادرون إلى فعل الخيرات. (مِنَ الصَّالِحِينَ) ؛ أي : من جملتهم. وهذا نفي لقولهم : ما آمن به إلّا أشرارنا. (٢)
[١١٥] (وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ)
(فَلَنْ يُكْفَرُوهُ) ؛ أي : لن يضيع ولن ينقص ثوابه البتّة. وتعديته إلى مفعولين لتضمّنه معنى الحرمان. وقرأ حمزة وحفص والكسائيّ : «وما يفعلوا من خير فلن يكفروه» بالياء ، والباقون بالتاء. (بِالْمُتَّقِينَ). أتى بالمظهر مقام المضمر للبشارة لهم والإشعار بأنّ التقوى مبدأ الخير وحسن العمل وأنّ الفائز عند الله هو أهل التقوى. (٣)
[١١٦] (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١١٦))
خصّ الأموال والأولاد لأنّهما أعزّ الأشياء على الخلق فإذا لم يغنيا ، كان غيرهما
__________________
(١) مجمع البيان ٢ / ٨١٥ ـ ٨١٦.
(٢) مجمع البيان ٢ / ٨١٦.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ١٧٦.