وهو استثناء من أعمّ عامّ الأحوال. أي : ضربت عليهم الذلّة في عامّة الأحوال ، إلّا في حال اعتصامهم بحبل الله وحبل الناس ؛ يعني ذمّة الله وذمّة المسلمين. أي : لا عزّ لهم قطّ إلّا هذه الواحدة وهي التجاؤهم إلى الذمّة لما قبلوا [من] الجزية. (ذلِكَ بِما عَصَوْا) ؛ أي : قتل الأنبياء ونحوه. (يَعْتَدُونَ) حدود الله. (١)
عن الصادق عليهالسلام : الحبل من الله كتاب الله. والحبل من الناس عليّ بن أبي طالب عليهالسلام. (٢)
(بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ) : قبول الإسلام. و (حَبْلٍ مِنَ النَّاسِ) : قبول الجزية. (٣)
(وَباؤُ) ؛ أي : استوجبوا غضبا من الله. (الْمَسْكَنَةُ) ؛ أي : الذلّة. أو : الفقر. لأنّ اليهود أبدا يتفاقرون وإن كانوا أغنياء. (٤)
(وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ). عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : والله ما قتلوهم بأيديهم ولا ضربوهم بأسيافهم ، ولكن سمعوا أحاديثهم فأذاعوها فأخذوا عليها فقتلوا ، فصارت [قتلا و] اعتداء ومعصية. (٥)
(إِلَّا بِحَبْلٍ). استثناء متّصل. وقيل : منقطع. لأنّ الذلّة لم ترتفع عنهم أبدا ولو بإعطاء الجزية.
[١١٣] (لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (١١٣))
(لَيْسُوا سَواءً). قيل : سبب نزول الآية أنّه لمّا أسلم عبد الله بن سلام وجماعة ، قالت أحبار اليهود : ما آمن بمحمّد إلّا أشرارنا. فأنزل الله : (لَيْسُوا سَواءً) ـ الآية. وقيل : إنّها نزلت في أربعين من أهل نجران واثنين وثلاثين من الحبشة وثمانية من الروم ، كانوا على عهد عيسى عليهالسلام صدّقوا محمّدا صلىاللهعليهوآله. وقوله : (لَيْسُوا سَواءً) عليه وقف تامّ. وقوله : (مِنْ أَهْلِ
__________________
(١) الكشّاف ١ / ٤٠١ ـ ٤٠٢.
(٢) تفسير العيّاشيّ ١ / ١٩٦ ، ح ١٣١.
(٣) تفسير النيسابوريّ ٤ / ٤٦.
(٤) مجمع البيان ٢ / ٨١٤.
(٥) الكافي ٢ / ٣٧١.