(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ) ـ الآية. المراد بالمنكر القبيح ، أعني الحرام. والمراد بالمعروف الذي يذكر في مقابله الفعل الحسن المشتمل على رجحان. فيختصّ بالواجب والمندوب ويخرج المباح والمكروه وإن كانا داخلين في الحسن. ويطلق المعروف على الواجب فقطّ. وقد اختلف أصحابنا في أنّ وجوبهما هل هو عينيّ أو كفائيّ. الشيخ والمحقّق وجماعة على الأوّل. والمرتضى وأبو الصلاح وطائفة على الثاني ، وقد استدلّوا عليه بهذه الآية. ويخطر بالبال أنّها تدلّ على عدم وجوبهما على واحد من آحاد الأمّة. وهو كذلك. لأنّه ليس كلّ منهم مستجمعا لشرائط الوجوب. ولا تدلّ على أنّهما يسقطان عن المستجمعين لشرائط الوجوب بقيام البعض منهم قبل ترتّب الأثر والنزاع ليس إلّا في هذا. وسقوطهما عن غير مستجمع الشرائط لا يقتضي الوجوب الكفائيّ كما في الحجّ. (١)
(أُمَّةٌ). عن الباقر عليهالسلام : هذه الآية لآل محمّد عليهمالسلام ومن تابعهم ، يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. (٢)
[١٠٥] (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ)
(وَلا تَكُونُوا). الأظهر أنّ النهي فيه مخصوص بالتفرّق في الأصول دون الفروع. لقوله صلىاللهعليهوآله : اختلاف أمّتي رحمة. ولقوله صلىاللهعليهوآله : من اجتهد فأصاب ، فله أجران. ومن أخطأ ، فله أجر واحد. (٣)
لا يخفى ما في هذا الكتاب من التهافت. وذلك أنّ الاختلاف في الفروع بعد مجيء البيّنات مذموم كالاختلاف في الأصول. وأمّا المجتهدون واختلافهم ، فهو راجع إلى اختلاف الأفهام في مدارك الأحكام. نعم ؛ الاجتهاد الوارد في مذهب البيضاويّ ونحوه لا يحتاج إلى الدليل الشرعيّ بل إلى القياس ونحوه. أمّا هذا الحديث ، فعلى تقدير تسليمه ، معناه كما قال
__________________
(١) الأربعين للبهائيّ / ١٠٠ ـ ١٠٢.
(٢) تفسير عليّ بن إبراهيم ١ / ١٠٩.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ١٧٤.