(لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ). لأنّها لم تقع على وجه الإخلاص. قد دلّ السمع على وجوب قبول التوبة إذا حصلت شرائطها. وعليه إجماع الأمّة. (١)
[٩١] (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ)
(فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً). لمّا كان الموت على الكفر سببا لامتناع قبول الفدية ، أدخل الفاء هاهنا للإشعار به. وملء الشيء ما يملؤه. و (ذَهَباً) نصب على التمييز. (٢)
وروي عن قتادة أنّه يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له : أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبا لكنت تفتدي به؟ فيقول : نعم. فيقال له : لقد سئلت أيسر من ذلك فلم تفعل. (٣)
(وَلَوِ افْتَدى بِهِ). فإن قلت : كيف موقع قوله : (وَلَوِ افْتَدى)؟ قلت : هو كلام محمول على المعنى. كأنّه قيل : فلن يقبل من أحدهم فدية ولو افتدى بملء الأرض ذهبا. ويجوز أن يراد : [ولو افتدى] بمثله. كقوله : (وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ). (٤) والمثل يحذف كثيرا في كلامهم. ويجوز أن يراد : فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا كان قد تصدّق به. ولو افتدى به أيضا لم يقبل منه. (٥)
(عَذابٌ أَلِيمٌ). مبالغة في التحذير. (وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) في دفع العذاب. ومن مزيدة للاستغراق. (٦)
[٩٢] (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ)
(لَنْ تَنالُوا) ؛ أي : لن تبلغوا حقيقة البرّ الذي هو كمال الخير. أو : لن تنالوا برّ الله الذي هو
__________________
(١) مجمع البيان ٢ / ٧٩١.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ١٦٩.
(٣) مجمع البيان ٢ / ٧٩٢.
(٤) الزمر (٣٩) / ٤٧.
(٥) الكشّاف ١ / ٣٨٣ ـ ٣٨٤.
(٦) تفسير البيضاويّ ١ / ١٧٠.