قبل مجيء الموعظة من أن البيع مثل الربا ، (فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ). لأنّ ذلك القول لا يصدر إلّا من كافر مستحلّ للربا. (١)
[٢٧٦] (يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (٢٧٦))
(يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا). النكتة في الآية أنّ المربي إنّما يطلب في الربا زيادة المال ، ومانع الصدقة إنّما يمنعها لطلب زيادة المال ، فبيّن الله أنّ الأمر بالعكس على ما يظنّون. (٢)
وسأل رجل الصادق عليهالسلام عن قول الله : (يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا) : وقد أرى آكل الربا يربو ماله! قال : فأيّ محق أمحق من درهم الربا يمحق دينه وإن تاب منه ذهب ماله وافتقر؟ (٣)
(يَمْحَقُ اللهُ) ؛ أي : يذهب ببركته. (٤)
(كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ). الكفّار : المقيم على الكفر. يعني أنّه سبحانه يبغض كلّ كفّار لنعمته باستحلال الربا منهمك في إثمه بأكله. وإنّما لم يقل : كلّ كافر ، لأنّه إذا استحلّ الربا صار كافرا وإذا كثر أكله للربا مع الاستحلال ، فقد ضمّ كفرا [إلى كفر]. (٥)
[٢٧٧] (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٧))
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) ـ الآية. إنّما جمع بين هذه الخصال لا لأنّ الثواب لا يستحقّ على كلّ واحدة منها ولكن جمع بينها للترغيب في الأعمال الصالحة والتعظيم لشأنها ، أو لبيان أنّ الجمع بين هذه الخصال أعظم أجرا من الإفراد بواحدة منها. وقد ذكرنا أنّ أمثال هذه الآية تدلّ على أنّ الإيمان ليس من أفعال الجوارح ؛ إذ لو كان كذلك ، لما كان لعطفها عليه معنى. (٦)
__________________
(١) مجمع البيان ٢ / ٦٧٠ ـ ٦٧١.
(٢) مجمع البيان ٢ / ٦٧١.
(٣) الفقيه ٣ / ١٧٦.
(٤) الكشّاف ١ / ٣٢١.
(٥) مجمع البيان ٢ / ٦٧٢.
(٦) مجمع البيان ٢ / ٦٧٢.