فكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يقاتل من قاتل ويكفّ عمّن كفّ. أو : الذين يناصبونكم
القتال دون الشيوخ والصبيان والنساء. أو : الكفرة كلّهم. لأنّهم جميعا مضادّون
للمسلمين ، قاصدون لمقاتلتهم وإن لم يقاتلوا. وقيل : لمّا صدّ المشركون رسول الله صلىاللهعليهوآله عام الحديبيّة وصالحوه على أن يرجع من قابل فيخلّوا له
مكّة ثلاثة أيّام ، فرجع لعمرة القضاء ، خاف المسلمون أن لا تفي لهم قريش
ويقاتلوهم في الحرم وفي الشهر الحرام وكرهوا ذلك ، نزلت وأطلق لهم [قتال] الذين
يقاتلونهم في الحرم. (وَلا تَعْتَدُوا) بابتداء القتال ، أو بقتال من نهيتم عن قتاله كالنساء
والصبيان ، أو بالمفاجاة من غير دعوة.
[١٩١] (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ
وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ
وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ
فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ)
(وَاقْتُلُوهُمْ). نزلت في رجل من الصحابة قتل رجلا من الكفّار في الشهر
الحرام فعابوا بذلك المؤمنين. فبيّن سبحانه أنّ الفتنة في الدين ـ وهو الشرك ـ
أعظم من قتل المشركين في الشهر الحرام وإن كان غير جائز. (وَأَخْرِجُوهُمْ) من مكّة كما أخرجوكم منها.
(ثَقِفْتُمُوهُمْ) في حلّ أو حرم. (وَالْفِتْنَةُ) ؛ أي : المحنة التي تفتتن بها الإنسان كالإخراج من
الوطن ، أصعب من القتل ، لدوام تعبها وتألّم النفس بها. (فَاقْتُلُوهُمْ). هم الذين هتكوا حرمة الحرم. (جَزاءُ). يفعل بهم مثل ما فعلوا. «لله» ؛ أي خالصا لله ليس
للشيطان فيه نصيب.
(ثَقِفْتُمُوهُمْ) ؛ أي : وجدتموهم.
(وَلا تُقاتِلُوهُمْ). نهي عن ابتدائهم بقتال في الحرم. قرأ حمزة والكسائيّ :
__________________