وقال : البيوت هي بيوت العلم الذي استودعته الأنبياء. وأبوابها أوصياؤهم. (١)
(وَلَيْسَ الْبِرُّ). فيه وجوه. أحدها : انّه كان المحرمون لا يدخلون بيوتهم من أبوابها ولكنّهم كانوا ينقبون في ظهور بيوتهم نقبا يدخلون ويخرجون منه. فنهوا عن التديّن بذلك. روي عن أبي جعفر عليهالسلام. وثانيها : انّ معناه : ليس البرّ أن تأتوا البيوت من غير جهاتها. وهو المرويّ عن أبي جعفر عليهالسلام أيضا. وثالثها : قال أبو جعفر عليهالسلام : آل محمّد أبواب الله. وقال صلىاللهعليهوآله : أنا مدينة العلم وعليّ بابها. وجه اتّصاله بقوله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ) أنّه لمّا بيّن سبحانه أنّ الأهلّة مواقيت للناس والحجّ وكانوا إذا أحرموا يدخلون البيوت من ورائها ، عطف عليها قوله : (لَيْسَ الْبِرُّ). وقيل : إنّه سبحانه لمّا بيّن أنّ أمورنا مقدّرة بأوقات ، قرن به قوله : (وَلَيْسَ الْبِرُّ). أي : فكما أنّ أموركم مقدّرة بأوقات ، فلتكن أفعالكم جارية على الاستقامة باتّباع ما أمر الله به والانتهاء عمّا نهى عنه. (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى) ؛ أي : برّ من اتّقى. أو يكون البرّ بمعنى البارّ. (٢)
[١٩٠] (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)
(وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ). روي عن أئمّتنا عليهمالسلام أنّ هذه الآية ناسخة لقوله تعالى : (كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ)(٣) وكذلك قوله : (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ)(٤) ناسخ لقوله : (وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ وَدَعْ أَذاهُمْ)(٥). (٦)
(الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ) ؛ أي : يحاربونكم دون الكافّين عنكم. وعلى هذا يكون منسوخا بقوله : (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً). (٧) وعن الربيع أنّها أوّل آية نزلت في القتال بالمدينة ،
__________________
(١) الاحتجاج ١ / ٣٣٩.
(٢) مجمع البيان ٢ / ٥٠٨ ـ ٥٠٩.
(٣) الرعد (١٣) / ١٤.
(٤) البقرة (٢) / ١٩١.
(٥) الأحزاب (٣٣) / ٤٨.
(٦) مجمع البيان ٢ / ٥١٠.
(٧) التوبة (٩) / ٣٦.