[١٥٤] (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ)
(أَمْواتٌ) ؛ أي : هم أموات. (بَلْ أَحْياءٌ) ؛ أي : هم أحياء على الحقيقة إلى أن تقوم الساعة. وهو قول جميع المفسّرين. أو المراد أنّهم أحياء لما نالوا من جميل الذكر والثناء. كما روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام من قوله : هلك خزّان الأموال. والعلماء باقون ما بقي الدهر ؛ أعيانهم مفقودة ، وآثارهم في القلوب موجودة. (١)
(لا تَشْعُرُونَ) ما حالهم. وهو تنبيه على أنّ حياتهم ليست بالجسد ولا من جنس ما يحسّ به من الحيوانات وإنّما هي أمر لا يدرك بالعقل بل بالوحي. وعن الحسن أنّ الشهداء أحياء عند ربّهم تعرض أرزاقهم على أرواحهم فيصل إليهم الروح والفرح كما تعرض النار على أرواح آل فرعون غدوّا وعشيّا فيصل إليهم الوجع. وفيها دلالة على أنّ الأرواح جواهر قائمة بأنفسها مغايرة لما يحسّ به من البدن تبقى بعد الموت دراكته. وعليه جمهور الصحابة والتابعين. وبه نطقت الآيات والسنن. وعلى هذا ، فتخصيص الشهداء لاختصاصهم بالقرب من الله ومزيد البهجة والكرامة. (٢)
[١٥٥] (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)
(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ). الخطاب لأصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآله. ولو قيل إنّه خطاب لجميع الخلق ، لكان أيضا صحيحا. فأمّا سبب الخوف ، فكان قصد المشركين لهم بالعداوة. وسبب الجوع ، تشاغلهم بالجهاد في سبيل الله عن المعاش. وقيل : القحط الذي لحقهم والجدب الذي أصابهم. وسبب نقص الأموال ، الانقطاع بالجهاد عن العمارة ، ونقص الأنفس ، بالقتل في الحروب مع رسول الله صلىاللهعليهوآله. وقيل : نقص الأموال بهلاك المواشي والأنفس بالموت. وقوله : (وَالثَّمَراتِ) ، قيل : أراد ذهاب حمل الأشجار بالجوائح وقلّة النبات. وقيل : أراد به الأولاد.
__________________
(١) مجمع البيان ١ / ٤٣٣.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٩٥.