لأنّ الولد ثمرة القلب. وإنّما قال ذلك لاشتغالهم بالقتال عن عمارة البستان وعن مناكحة النسوان وحمل البنات والبنين. وقيل في وجه اللّطف في ذلك قولان : أحدهما أنّ من جاء من بعدهم إذا أصابهم مثل هذه الأمور ، علموا أنّه لا يصيبهم ذلك لنقصان درجة وحطّ مرتبة ، فإنّه قد أصاب مثل ذلك من هو أعلى درجة منهم وهم أصحاب النبيّ. والآخر أنّ الكفار إذا شاهدوا المؤمنين يتحمّلون المشاقّ في نصرة الرسول وموافقتهم له وتنالهم هذه المكاره فلا يتغيّرون في قوّة البصيرة ونقاء السريرة ، علموا أنّهم إنّما فعلوا ذلك لعلمهم بصحّة هذا الدين ، فيكون ذلك داعيا لهم إلى قبول الإسلام والدخول في جملة المسلمين. (١)
عن الباقر عليهالسلام (لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ) ـ الآية ـ قال : ذلك جوع خاصّ وجوع عامّ. فأمّا بالشام ، فإنّه عامّ. والخاصّ بالكوفة يخصّ ولا يعمّ ، ولكنّه يخصّ بالكوفة أعداء آل محمّد صلىاللهعليهوآله فيهلكهم الله بالجوع. وأمّا الخوف ، فإنّه عامّ بالشام. وذلك الخوف إذا قام القائم عليهالسلام. وأمّا الجوع ، فقبل قيام القائم عليهالسلام. (٢)
عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قبل قيام القائم عليهالسلام تكون علامات. ثمّ تلا قوله تعالى : (لَنَبْلُوَنَّكُمْ ـ) الآية. من الخوف من ملوك بني فلان في آخر سلطانهم ، والجوع بغلاء أسعارهم ، ونقص من الأموال ، قال : كساد التجارات ، ونقص من الأنفس ، قال : موت ذريع ، ونقص من الثمرات ، لقلّة ريع ما يزرع. (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) عند ذلك بتعجيل الفرج. وقوله : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ) يعني المؤمنين. (٣)
[١٥٦] (الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ)
عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (إِنَّا لِلَّهِ) إقرار منك بالملك. (وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) إقرار منك بالهلاك. (٤)
روي أنّه طفئ سراج رسول الله فقال : (إِنَّا لِلَّهِ) ـ الآية. فقيل له : أمصيبة هي؟ فقال : نعم ؛
__________________
(١) مجمع البيان ١ / ٤٣٥ ـ ٤٣٦.
(٢) تفسير العيّاشيّ ١ / ٦٨.
(٣) كمال الدين ١ / ٦٤٩ ـ ٦٥٠ ، ح ٣.
(٤) الكافي ٣ / ٢٦١.