بالتاء. (١)
(وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) من اليهود والنصارى (لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ) ؛ أي : تحويل القبلة إلى الكعبة حقّ مأمور من ربّهم. وإنّما علموا بذلك لأنّه كان في بشارة أنبيائهم أن يكون نبيّ من صفاته أن يصلّي إلى القبلتين. روي أنّهم قالوا عند التحويل : ما أمرت بهذا يا محمّد. وإنّما هو شيء ابتدعته من تلقاء نفسك ، مرّة إلى هنا ومرّة إلى هنا. فأنزل الله هذه الآية وبيّن أنّهم يعلمون خلاف ما يقولون. (٢)
(قَدْ نَرى). لمّا عيّرته اليهود بأنّك تابع لقبلتنا فاغتمّ لذلك غمّا شديدا. فلمّا كان في بعض اللّيل ، خرج عليهالسلام يقلّب وجهه في آفاق السماء. فلمّا أصبح صلّى الغداة. فلمّا صلّى من الظهر ركعتين ، جاءه جبرئيل فقال : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ). ثمّ أخذ بيده فحوّل وجهه إلى الكعبة. (٣)
[١٤٥] (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ)
أي : والله لئن. (آيَةٍ) : برهان وحجّة على أنّ الكعبة قبلة. واللّام موطّئة للقسم. (قِبْلَتَكَ). لأنّهم [ما] تركوها لشبهة تزيلها بحجّة وإنّما خالفوك مكابرة وعنادا. (وَما أَنْتَ). قطع لأطماعهم. فإنّهم قالوا : لو ثبتّ على قبلتنا ، لكنّا نرجو أن تكون صاحبنا الذي نحن ننتظره ، تغريرا له وطمعا في رجوعه. وقبلتهم ، وإن تعدّدت ، لكنّها متّحدة بالبطلان ومخالفة الحقّ. (وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ). لأنّ اليهود تستقبل الصخرة والنصارى مطلع الشمس ، لا يرجى توافقهم كما لا يرجى موافقتهم لك. (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ) على سبيل الفرض والتقدير. (مِنَ الْعِلْمِ) ؛ أي : الوحي. (٤)
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٩٣.
(٢) مجمع البيان ١ / ٤٢٠.
(٣) الفقيه ١ / ١٧٨ ، ح ٨٤٣.
(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ٩٣.