هاجر ، أمر بالصلاة إلى الصخرة ، تألّفا لليهود. أو الصخرة ؛ لقول ابن عبّاس : كان قبلته بمكّة بيت المقدس إلّا أنّه كان يجعل الكعبة بينه وبينها. فالمخبر به على الأوّل الجعل الناسخ ، وعلى الثاني المنسوخ والمعنى : إنّ الأصل أمرك أن تستقبل الكعبة. وما جعلنا قبلتك بيت المقدس إلّا لنعلم من يتّبعك في الصلاة إليها ممّن يرتدّ عن دينك إلفا لقبلة آبائه. وعلى الأوّل معناه : ما رددناك إلى ما كنت عليها إلّا لنعلم الثابت على الإسلام ممّن ينكص على عقبيه لضعف إيمانه. (إِلَّا لِنَعْلَمَ) ؛ أي : ليتعلّق علمنا به موجودا. وقيل : ليعلم رسوله. (وَإِنْ كانَتْ). أي التحولة أو الردّة. وإن هي المخفّفة من المثقّلة واللّام هي الفاصلة. أو تكون نافية واللّام بمعنى إلّا. (إِيمانَكُمْ) ؛ أي : ثباتكم على الإيمان. وقيل : إيمانكم بالقبلة المنسوخة أو صلاتكم إليها ، لما روي أنّه عليهالسلام لمّا وجّه الكعبة قالوا : كيف بمن مات من إخواننا ـ يا رسول الله ـ قبل التحويل؟ فنزلت. (١)
(وَإِنْ كانَتْ). أي التحولة إلى بيت المقدس. لأنّ العرب لم يكن قبلة أحبّ إليهم من الكعبة. (لَرَؤُفٌ). قرأ ابن كثير وابن عامر [وحفص] على وزن رعوف ، وأبو جعفر مثقّلا غير مهموز ، والباقون على وزن رعف. (٢)
[١٤٤] (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ)
(قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ) تطلّعا للوحي ليحوّله إلى الكعبة. (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ) ؛ أي نمكّنك من استقبالها. (فَوَلِّ) ؛ أي : اصرف (وَجْهَكَ شَطْرَ) ؛ أي : نحو. (الْحَرامِ) ؛ أي : يحرم فيه القتال ، أو ممنوع عن الظلمة أن يتعرّضوه. (عَمَّا يَعْمَلُونَ). وعد ووعيد للفريقين. وقرأ ابن عامر
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٩٢.
(٢) مجمع البيان ١ / ٤١٧ و ٤١٤.