وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ)
(وَمَنْ يَرْغَبُ). النزول : روي أنّ عبد الله بن سلام دعا ابني أخيه سلمة ومهاجرا إلى الإسلام فقال : لقد علمنا صفة محمّد صلىاللهعليهوآله في التوراة. فأسلم سلمة وأبى مهاجر أن يسلم. فنزلت الآية. (١)
لمّا بيّن سبحانه قصّة إبراهيم وأنّ ملّته ملّة محمّد ، عقّبه بذكر الحثّ على اتّباعها فقال : ومن يرغب عن ملّة إبراهيم وشريعته إلّا من أهلك نفسه وأوبقها؟ وفيه دلالة على أن ملّة إبراهيم هي ملّة نبيّنا. لأنّ ملّة إبراهيم داخلة في ملّة نبيّنا مع زيادات في ملّة محمّد صلىاللهعليهوآله. فبيّن أنّ الذين يرغبون من الكفّار عن ملّة محمّد التي هي ملّة إبراهيم قد سفهوا أنفسهم. (٢)
(وَمَنْ يَرْغَبُ). المراد بملّة إبراهيم في الآية أصولها التي لا تختلف بمرّ الأعصار والدهور ، فلا يلزم أن يكون محمّد صلىاللهعليهوآله راغبا عنها لأنّه أمر باتّباعها. (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً)(٣). (٤)
(وَمَنْ يَرْغَبُ) استبعاد وإنكار لأن يكون أحد يرغب عن ملّته الواضحة. أي : لا يرغب أحد عن ملّته (إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ) ؛ أي : أذلّها واستخفّ بها. والمستثنى في محلّ الرفع على المختار بدل من الضمير في (يَرْغَبُ) لأنّه في معنى النفي. (وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ). حجّة لما تقدّم. لأنّ من كان صفوة العباد في الدنيا والآخرة ، كان حقيقا بالاتّباع. (٥)
(فِي الدُّنْيا) بالنبوّة. (لَمِنَ الصَّالِحِينَ) لمراتب الجنان. (٦)
[١٣١] (إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ)
(إِذْ). نصب باصطفيناه. أي : اصطفينا حين قال له ربّه : أسلم. قيل : إنّه قال هذا حين أفلت الشمس ورأى إبراهيم تلك الآيات والأدلّة فاستدلّ بها على وحدانيّته وقال : (يا
__________________
(١) مجمع البيان ١ / ٣٩٧.
(٢) مجمع البيان ١ / ٣٩٧.
(٣) النحل (١٦) / ١٢٣.
(٤) تفسير النيسابوريّ ١ / ٤١٦.
(٥) تفسير البيضاويّ ١ / ٨٧ ـ ٨٨.
(٦) مجمع البيان ١ / ٣٩٧.