وهو يكتب. فلمّا فرغ قال لي : اركب على ظهر واحد واحد من أصحابك إلى هناك. فحملوني إلى ذلك المكان. وهذا كان حاله.
فأخذني ذلك اليوم معه إلى بيته وقال لي : هذه ابنتي أريد أن أزوّجك بها. فقلت : إن شاء الله تعالى إذا توسّعت في طلب العلم. فاتّفق أنّه سافر إلى الهند وصار مدار حيدر آباد عليه. وقد سألته يوما عن تفسير شيخنا الشيخ عبد عليّ الحويزيّ الذي ألّفه من الأخبار ، فقال لي : ما دام الشيخ عبد عليّ حيّا فتفسيره لا يساوي قيمة فلس. فإذا مات ، فأوّل من يكتبه بماء الذهب أنا. ثمّ قرأ :
ترى الفتى ينكر فضل الفتى |
|
لوما وبخلا فإذا ما ذهب |
لجّ به الحرص على نكتة |
|
يكتبها عنه بماء الذهب |
ونظير هذا أنّ رجلا من فضلاء إصفهان صنّف كتابا ، فلم يشتهر ولم يكتبه أحد. فسأله رجل من العلماء : لم لا يشتهر كتابك؟ فقال : إنّ له عدوّا. فإذا مات اشتهر كتابي. فقال له : وما هو؟ قال : أنا. وقد صدق في هذا الكلام.
وبقيت في شيراز تسع سنوات تقريبا ، وقد أصابني فيها من الجوع والتعب ما لا يعلم به إلّا الله. وفي خاطري : انّي قد بقيت يوم الأربعاء والخميس ما وقع في يدي إلّا الماء. فلمّا أتت ليلة الجمعة ، رأيت الدنيا تدور بي وقد اسودّت كلّها في عيني. فمضيت إلى قبّة السيّد أحمد بن الإمام موسى الكاظم عليهالسلام فأتيت إلى قبره ولزمته وقلت له : أنا ضيفك. فكنت واقفا ، فإذا رجل سيّد قد أعطاني قوت تلك اللّيلة من غير طلب. فحمدت الله وشكرته.
ومع ما كنت فيه من الجدّ والاجتهاد ، كنت كثيرا مّا أتنزّه في البساتين والأماكن الحسنة مع الأصحاب والأعلام ، وفي وقت الورودات نمضي إلى البساتين ونبقى فيها أسبوعا وأقلّ وأكثر ، ولكنّ الاشتغال ما كنت أفوته من يدي. وقد منّ الله عليّ في شيراز بأصحاب صلحاء نجباء علماء وكانوا موافقين لي في السنّ.
ومن جملة رياضاتي للدرس أنّ صاحبا لي كان منزله في طرف شيراز. وكنت أبات