تكفى وحدها لاندفاع الجنين ، وقد اتفق أن الحمل وصل لتمام أشهره وحصلت الولادة من ذاتها مع أنه كان هناك سقوط للرحم ، وقد وضع كثير من النساء في حالة إصابتهن بنوبة السبات والإسفكسيا والنعاس الطويل ، ومثلهن اللواتي ضعفن من طول مدة مرض أو نزيف أو آلام غير متعلقة بالولادة أو استسغاء أو التهاب صدري أو هذيان أو جنون ، واللواتي كانت عضلات البطن فيهن رقيقة ضعيفة بحيث فقدت قوة انقباضها ، واللواتي فيهن جبن وخوف وضعف وهزال ، أو كان تركيبهن لينفاويا زائد الوضوح.
«المبحث الرابع في الأسباب المحدثة التابعة»
قد تحتاج الرحم في كثير من الأحوال للاستعانة بفعل الحجاب الحاجز والعضلات البطنية ، فعلى رأي بعضهم لا تنبقض الرحم إلا وتمنع الجنين عن أن يتسطح على نفسه ، وتقهر أحد طرفي قطره القمحدوي العصعصي على النفوذ من المضيقين ، فعند انقباضها تمسكها عضلات البطن من الأمام والجانب ، وتمنعها عن أن تروغ وتميل من جهة إلى أخرى ، فتكون تلك العضلات لها قناة متصلة بالحوض ، فإذا انخفض الحجاب الحاجز حينئذ ذهب ذلك الانخفاض كله لقعر الرحم ، فينقاد عنق الرحم إلى ذلك ، فيندفع الجنين منه من أعلى إلى أسفل ، ويخرج من أعضاء التناسل ، ومن البعيد أن يكون للحجاب الحاجز تأثير على الرحم ، وإنما يكون نقطة ارتكاز صلب للعضلات البطنية ، فإذا حصل منه فعل اتسع الصدر ، فتمتلئ الرئتان بالهواء ، ثم ينطبق المزمار ، وبعد ذلك ينقبض الحجاب الحاجز ، فيعطي قاعدة الصدر الممسوك من الباطن بالرئتين الممتدتين بالهواء سكونا وصلابة ، فتتخذها القوى العضلية محل تثبت وارتكاز لا يمكنها أن تحصلها من غيرها ، فعلم من ذلك أن إعانة الحجاب الحاجز للرحم ليست حاصلة من ضغطه على الأحشاء من أعلى إلى أسفل كما هو المظنون عموما ، وإنما ذلك من جعله الصدر في حالة تقاوم انقباضات عضلات البطن التي تؤثر بتلك الكيفية في الجسم المنقذف أيضا ، وفي كثير من النساء تنقبض الرحم أولا وحدها إلى أن ينغمس الجنين في تقعير الحوض ، فحينئذ يحصل إحساس ثقل وتعن وزحير يقهر عضلات البطن على أن تعين بانقباضها هذا الاندفاع ، ومتى حصل المقصود للرحم ، وهو اتساع عنقها كانت غير محتاجة للتعاون ، فإذا كان الاتساع كافيا خرج الجنين بنفسه من تلك القناة الصلبة الضيقة جدا ، فيحتاج حينئذ لقوى عظيمة فإذا شدت أفعال الرحم تنبهت أفعال جميع عضلات الجسم ، فبتأثير الرأس والأطراف التي كانت ساكنة قبل ذلك ، والصدر المتسع والحجاب الحاجز المنخفض والرئتين المملوءتين بالهواء والمزمار المنطبق يحصل في جدران البطن المثبتة بقوة على الحوض ، ودائرة الصدر انقباض شديد من الأمام إلى الخلف ،