«المقالة الثانية عشرة»
في قوله تعالى : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ (٥) خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (٦) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ) (٧) [الطارق : الآيات ٥ ـ ٧]. وفيه مسائل :
(المسألة الأولى) :
الدفق صب الماء ، يقال : دفقت الماء. أي صببته ، وهو كمدفوق ، أي مصبوب ومندفق ، أي منصب ، ولما كان هذا الماء مدفوقا اختلفوا في أنه لم وصف بأنه دافق على وجوه :
(الأول):
قال الزجاج : معناه ذو اندفاق ، كما يقال : دارع وفارس ونائل ولبن وتامر ، أي ذو درع وفرس ونبل ولبن وتمر. وذكر الزجاج أن هذا مذهب سيبويه.
(الثاني):
أنه يسمون المفعول باسم الفاعل ، قال الفراء : وأهل الحجاز أفعل لهذا من غيرهم ، يجعلون المفعول فاعلا إذا كان في مذهب النعت ، كقولهم : سرّ كاتم ، وهمّ ناصب وليل نائم. وكقوله تعالى : (فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) [الحاقّة : الآية ٢١]. أي مرضية.
(الثالث):
ذكر الخليل في الكتاب المنسوب إليه : دفق الماء دفقا ودفوقا إذا انصب بمرّة ، واندفق الكوز إذا انصب بمرّة ، ويقال في الطيرة عند انصباب الكوز ونحوه : دافق خير. وفي «كتاب قطرب» دفق الماء يدفق إذا انصب.
(الرابع):
يقال : صاحب الماء لما كان دافقا أطلق ذلك على الماء على سبيل المجاز.
(المسألة الثانية)
قرئ : الصلب ـ بفتحتين ـ والصلب (بضمتين). ففيه أربع لغات : صلب وصلب