قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    كشف الأسرار النورانيّة القرآنيّة [ ج ١ ]

    كشف الأسرار النورانيّة القرآنيّة

    كشف الأسرار النورانيّة القرآنيّة [ ج ١ ]

    تحمیل

    كشف الأسرار النورانيّة القرآنيّة [ ج ١ ]

    460/503
    *

    (المسألة الأولى) :

    قال تعالى : (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ) [فاطر : الآية ٩]. بلفظ الماضي وقال : (فَتُثِيرُ سَحاباً) [الرّوم : الآية ٤٨]. بصيغة المستقبل ، وذلك لأنه لما أسند فعل الإرسال إلى الله وما يفعل الله يكون بقوله : (كُنْ) [البقرة : الآية ١١٧]. فلا يبقى في العدم لا زمانا ولا جزءا من الزمان فلم يقل بلفظ المستقبل لوجوب وقوعه وسرعة كونه كأنه كان ، وكأنه فرغ من كل شيء ، فهو قدر الإرسال في الأوقات المعلومة إلى المواضع المعينة ، والتقدير كالإرسال ، ولما أسند فعل الإثارة إلى الريح ، وهو يؤلف في زمان فقال تثير أي على هيئتها.

    (المسألة الثانية) :

    قال أرسل إسنادا للفعل إلى الغائب ، وقال : (سقنا) بإسناد الفعل إلى المتكلم وكذلك في قوله : (فَأَحْيَيْنا) [فاطر : الآية ٩]. وذلك لأنه في الأول عرّف نفسه بفعل من الأفعال ، وهو الإرسال ، ثم لما عرف قال : أنا الذي عرفتني سقت السحاب وأحييت الأرض ففي الأول كان تعريفا بالفعل العجيب. وقوله : سقنا وأحيينا. بصيغة الماضي يؤيد ما ذكرناه من الفرق بين قوله أرسل وبين قوله تثير.

    (المسألة الثالثة) :

    ما وجه التشبيه بقوله : (كَذلِكَ النُّشُورُ) [فاطر : الآية ٩]. بقول فيه وجوه :

    (أحدها) : أن الأرض الميتة كما قبلت المياه اللائقة بها كذلك انتشرت الكرات الصغيرة من أسطحة البحار للجو.

    (وثانيها) : كما أن الريح يجمع القطع السحابية كذلك يجمع الماء بين أجزاء الأرض.

    (وثالثها) : كما أنا نسوق الريح والسحاب إلى البلد الميت نسوق المياه من باطن الأرض إلى البحار ، فقد ظهر لك كيفية الدورة الحقيقية التي جعلها الله تنشأ منها الكائنات الموجودة المعمورة بها الكون.

    قال بعض الفلاسفة : البحر المحيط هو منبع النوع البشري إذ في وسط هذا العنصر السائل تحت الحياة العضوية في المادة الغير المتحركة حتى الجزء المادي الذي أراد الباري سبحانه إحياءه ، واكتسب على توالي الزمان أحوالا وعوائد وتنوعات كثيرة في الشكل الذي نراه في الكائنات الآلية.