قائمة الکتاب
إعدادات
كشف الأسرار النورانيّة القرآنيّة [ ج ١ ]
كشف الأسرار النورانيّة القرآنيّة [ ج ١ ]
المؤلف :محمّد بن أحمد الإسكندراني الدمشقي
الموضوع :القرآن وعلومه
الناشر :دار الكتب العلميّة
الصفحات :503
تحمیل
(المسألة الأولى) :
قال تعالى : (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ) [فاطر : الآية ٩]. بلفظ الماضي وقال : (فَتُثِيرُ سَحاباً) [الرّوم : الآية ٤٨]. بصيغة المستقبل ، وذلك لأنه لما أسند فعل الإرسال إلى الله وما يفعل الله يكون بقوله : (كُنْ) [البقرة : الآية ١١٧]. فلا يبقى في العدم لا زمانا ولا جزءا من الزمان فلم يقل بلفظ المستقبل لوجوب وقوعه وسرعة كونه كأنه كان ، وكأنه فرغ من كل شيء ، فهو قدر الإرسال في الأوقات المعلومة إلى المواضع المعينة ، والتقدير كالإرسال ، ولما أسند فعل الإثارة إلى الريح ، وهو يؤلف في زمان فقال تثير أي على هيئتها.
(المسألة الثانية) :
قال أرسل إسنادا للفعل إلى الغائب ، وقال : (سقنا) بإسناد الفعل إلى المتكلم وكذلك في قوله : (فَأَحْيَيْنا) [فاطر : الآية ٩]. وذلك لأنه في الأول عرّف نفسه بفعل من الأفعال ، وهو الإرسال ، ثم لما عرف قال : أنا الذي عرفتني سقت السحاب وأحييت الأرض ففي الأول كان تعريفا بالفعل العجيب. وقوله : سقنا وأحيينا. بصيغة الماضي يؤيد ما ذكرناه من الفرق بين قوله أرسل وبين قوله تثير.
(المسألة الثالثة) :
ما وجه التشبيه بقوله : (كَذلِكَ النُّشُورُ) [فاطر : الآية ٩]. بقول فيه وجوه :
(أحدها) : أن الأرض الميتة كما قبلت المياه اللائقة بها كذلك انتشرت الكرات الصغيرة من أسطحة البحار للجو.
(وثانيها) : كما أن الريح يجمع القطع السحابية كذلك يجمع الماء بين أجزاء الأرض.
(وثالثها) : كما أنا نسوق الريح والسحاب إلى البلد الميت نسوق المياه من باطن الأرض إلى البحار ، فقد ظهر لك كيفية الدورة الحقيقية التي جعلها الله تنشأ منها الكائنات الموجودة المعمورة بها الكون.
قال بعض الفلاسفة : البحر المحيط هو منبع النوع البشري إذ في وسط هذا العنصر السائل تحت الحياة العضوية في المادة الغير المتحركة حتى الجزء المادي الذي أراد الباري سبحانه إحياءه ، واكتسب على توالي الزمان أحوالا وعوائد وتنوعات كثيرة في الشكل الذي نراه في الكائنات الآلية.