وثنى بالقمر ثم أتبعه بذكر سائر النجوم ، وأما قوله تعالى : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) [الأعراف : الآية ٥٤] ففيه مسائل.
(المسألة الأولى):
احتج بعض العلماء بهذه الآية على أنه لا موجود ولا مؤثر إلا الله سبحانه وتعالى ، والدليل عليه أن كل من أوجد شيئا وأثر في حدوث شيء فقد قدر على تخصيص ذلك الفعل بذلك الوقت فكان خالقا ، ثم الآية دلت على أنه لا خالق إلا الله ؛ لأنه قال : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ.) وهذا يفيد الحصر بمعنى ، أنه لا خالق إلا الله وذلك يدل على أن كل أمر يصدر على فلك أو ملك فخالق ذلك الأمر في الحقيقة هو الله سبحانه وتعالى ، وحيث ثبت هذا الأصل تفرعت عليه مسائل:
(إحداها) : أنه لا إله إلا الله إذ لو حصل إلهان لكان الإله الثاني خالقا ومدبرا ، وذلك يناقض مدلول هذه الآية في تخصيص الخلق بهذا الواحد.
(وثانيتها) : أنه لا تأثير للكواكب في أحوال هذا العالم وإلا لحصل خالق سوى الله وذلك ضد مدلول هذه الآية.
(وثالثتها) : أن القول بإثبات الطبائع والعقول والنفوس على ما يقوله الفلاسفة وأصحاب الكلمات باطل ، وإلا لحصل مؤثر غير الله ومقدر غير الله وخالق غير الله تعالى وهو باطل.
(المسألة الثانية):
احتج العلماء بهذه الآية على أن كلام الله قديم قالوا : إنه تعالى ميز بين الخلق وبين الأمر ، ولو كان الأمر مخلوقا لما صح هذا التميز ، أجاب الجبائي عنه بأنه لا يلزم من إفراد الأمر بالذكر عقيب الخلق أن لا يكون الأمر داخل في الخلق فإنه تعالى قال : (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ) [الحجر : الآية ١]. وآيات الكتاب داخلة في القرآن ، وقال : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) [النّحل : الآية ٩٠]. مع أن الإحسان داخل في العدل وقال : (مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ) [البقرة : الآية ٩٨] وهما داخلان تحت الملائكة وقال الكعبي : إن مدار هذه الحجة على أن المعطوف يجب أن يكون مغايرا للمعطوف عليه فإن صح هذا الكلام بطل مذهبكم لأنه تعالى قال : (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ) [الأعراف : الآية ١٥٨] فعطف الكلمات على الله فوجب أن تكون الكلمات غير الله وكل ما كان غير الله فهو محدث مخلوق فوجب كون