الحيوانية ، فبعض الحيوانات يمكن أن لا يكون له قناة هضمية لهضم الأغذية ، وهذه الحيوانات مجردة عن الأعصاب المتميزة ، لكن قوة تحركها تكفي في حيوانيتها ، وأما الحركات التي تفعلها بعض النباتات فلا ينبغي أن تشتبه علينا حركاته بحركات الحيوانات فالحركات في الحيوانات ، تكون ناشئة عن الاختيار بواسطة ألياف قابلة للانكماش ، وليست الحركات في النباتات ناشئة إلا عن خاصية عامة لجميع منسوجات الكائنات العضوية ، أي قابلة الشبه وهذه الخاصية غير متعلقة بوجود العضلات والمجموع العصبي.
ثم إن الحياة في الحيوانات لا تتم إلا بأربع وظائف عظيمة وهي : التغذية والتناسل ـ وهاتان الوظيفتان مشتركتان بين الحيوانات والنباتات ، ويتكون عنهما الوظائف الحيوية أو النباتية أو المنمية ـ ثم قابلية التحرك والإحساس ، وهما الوصفان الخاصان بالحيوانات ، أو الوظيفتان الحيوانيتان الحقيقتان ـ ولا شك أن التغذية هي أهم الوظائف وأعمها ، حيث إنها في النمو أول الجميع ، وتكون مع ابتداء الحياة تنتهي ، وبانتهائها ، وتحصل بكيفية مستمرة غير مدركة للحيوان نفسه.
وأما الوظائف الثلاث الأخر فلا تحصل إلا بشروط في أزمان معلومة ، والأفعال الرئيسة لهذه الوظيفة الأصلية هي تناول الجواهر الغذائية ، ثم يحصل فيها انصلاح مناسب في أعضاء معدة لذلك بالخصوص ، ثم تنصب متحصلاتها في تيار الدورة التي توزعها في الأجزاء المختلفة للجسم فتمتص فيه وتستحيل إلى عناصر عضوية ؛ كي تنفع لنمو الأعضاء ولاستعراض ما أعدمته حركة التحليلات في جسم الحيوان ، والتناسل هو الوظيفة الثانية من الوظائف الحيوية أو النباتية ، ويحصل بفعل أعضاء مخصوصة تسمى بأعضاء التناسل وهي على نوعين :
(أحدهما) : يحتوي على الجرثومات ويتكون عنه العضو الأنثي.
(والثاني) : يفرز المادة التي يلزم أن تخصب هذه الجرثومات ، وهو العضو الذكر ، وحينئذ فالنوع يتكون في المملكة الحيوانية من شخصين مختلفين إلا في عدد من الكائنات التي تكون فيها أعضاء التناسل مجتمعة في شخص واحد كما في بعض الحيوانات الرخوة والحيوانات الحلقية خصوصا العلق ونحوه ، ومتى كان متحصل التناسل محسوس لنا ؛ يكون على الدوام على هيئة جسم صغير عضوي يلتصق مدة من الزمن مختلفة الطول بشخص مستعد لذلك استعدادا تاما فينمو عليه ثم ينفصل منه في زمن معلوم على بيضة تحتوي على جرثومة تنمو فيها الأعضاء الضرورية للمعيشة والنمو ، وكل ذلك مغلف بغلافات مختلفة المقاومة ، والتناسل ليس وظيفة مستمرة ، فلا يظهر إلا في أزمان مختلفة البعد عن بعضها ، وقد لا