(المقالة السادسة والأربعون)
في قوله تعالى : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٦)) [هود : الآية ٦].
اعلم أن الله تعالى لما ذكر في الآية السابقة قوله : (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ) [النّور : الآية ٤٥]. أردفه بما يدل على كونه تعالى لو لم يكن عالما بجميع المعلومات لما حصلت هذه المهمات ، وفي الآية مسائل :
(المسألة الأولى) :
قال الزجاج : الدابة اسم لكل حيوان ؛ لأن الدابة اسم مأخوذ من الدبيب ، وبنيت هذه اللفظة على هاء التأنيث ، وأطلقت على كل حيوان ذي روح ذكرا كان أو أنثى ، والمراد بهذا اللفظ في هذه الآية الموضوع الأصلي اللغوي. فيدخل فيه جميع الحيوانات ، وهذا متفق عليه بين المفسرين ولا شك أن أقسام الحيوانات وأنواعها كثيرة ، وهي الأجناس التي تكون في البر والبحر والجبال ، والله يحصيها وحده دون غيره ، وهو تعالى عالم بكيفية طبائعها وأعضائها ، وأحوالها وأغذيتها وسمومها ومساكنها ، وما يوافقها وما يخالفها ، فالإله المدبر لطباق السماوات والأرضين ، وطبائع الحيوان والنبات ، كيف لا يكون عالما بالأحوال ، وقد روى أن موسى عليهالسلام عند نزول الوحي إليه تعلق قلبه بأحوال أهله ، فأمره الله تعالى أن يضرب بعصا على صخرة فانشقت وخرجت صخرة ثانية ، ثم ضربها بعصاه عليها فانشقت وخرجت صخرة ثالثة ، ثم ضربها بعصاه فانشقت وخرج منها دودة كالذرة وفي فمها شيء يجري مجرى الغذاء لها ، ورفع الحجاب عن موسى عليهالسلام فسمع الدودة تقول : (سبحان من يراني ويسمع كلامي ويعرف مكاني ويذكرني ولا ينساني).
وهنا نذكر الحيوانات الزواحف التي تمشي على بطنها فنقول :
(المسألة الثانية في الزواحف التي تمشي على بطنها):
تشتمل هذه الرتبة على جميع الحيوانات الفقرية ذوات الدم البارد التي تنفسها هوائي غير تامة من ابتداء ولادتها ، وهي تكون رتبة عدة من الحيوانات الفقرية ، ولها أوصاف مميزة لها واضحة جدا ، ففقدها الثدي والشعر ، وكيفية تناسلها تميزها عن الحيوانات الثديية على ما ينبغي ، وجلدها العاري أو المغطى بقشور فقط يميزها عن الطيور المغطى جلدها بريش ، وتنفسها الرئوي متى كانت على الحالة التامة من النمو يميزها عن الأسماك.