بصوف أنجورا ، والضأن جيد النفع بسبب لحمه ودهنه ولبنه وصوفه وروثه ، وإذا نزلت جملة منه في أرض وأقامت فيها مدة ترعى ما فيها من الحشائش ، تصير جيدة وتخصب بسبب ذلك أكثر مما كانت قبل ، وجلد الضأن المجرد عن الصوف له استعمالات مهمة ، فمنه يكون الحور المعروف ، والجدل الأبيض المستعملان في صناعات عديدة ، والبقر تستعمل للحراثة وللدر والنسل ، والأهلية تكتسب أثداؤها حجما عظيما ويستمر وجود اللبن فيها إلى قرب الولادة ، ومن الأنعام ما ذكر في (١١) :
(المقالة الثانية والأربعون)
في قوله تعالى : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ) (٦٦) [النّحل : الآية ٦٦]. وفي الآية مسائل :
(المسألة الأولى) :
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وحفص عن عاصم وحمزة والكسائي (نُسْقِيكُمْ) [النّحل : الآية ٦٦] بضم النون والباقون بالفتح ، أما من فتح النون فحجته ظاهرة تقول : سقيته حتى روى أسقيه قال تعالى : (وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً) [الإنسان : الآية ٢١]. وقال : (وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ) (٧٩) [الشّعراء : الآية ٧٩]. وقال : (وَسُقُوا ماءً حَمِيماً) [محمّد : الآية ١٥]. ومن ضم النون فهو من قولك أسقاه أي جعل له شرابا كقوله : (وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً) [المرسلات : الآية ٢٧]. وقوله : (فَأَسْقَيْناكُمُوهُ) [الحجر : الآية ٢٢]. والمعنى هاهنا إنا جعلناه في كثرته وإدامته كالسقيا واختار أبو عبيدة الضم قال : لأنه شرب دائم وأكثر ما يقال في هذا المقام أسقيت.
(المسألة الثانية) :
قوله : (مِمَّا فِي بُطُونِهِ) [النّحل : الآية ٦٦]. الضمير عائد إلى الأنعام ، فكان الواجب أن يقال مما في بطونها ، وذكر النحويون فيه وجوها : (الأول) : أن لفظ الأنعام لفظ وضع لإفادة جمع كالرهط والقوم والبقر والغنم فهو بحسب اللفظ لفظ مفرد ، فيكون ضميره ضمير الواحد وهو التذكير وبحسب المعنى جمع ، فيكون ضميره ضمير الجمع وهو التأنيث ، ولهذا السبب قال هاهنا في بطونه ، وقال في سورة المؤمنين : (فِي بُطُونِها) [المؤمنون : الآية ٢١].
__________________
(١١) قوله : ومن الأنعام ما ذكر في. كذا بالأصل وحرر. اه.