الفضلية من أطمعتنا مدة من الزمن ، لكي تمنعنا من تعب التغوط على الدوام ، ولكون البرتون محيطا بها إحاطة جزئية تتمدد وتتسع للاستيداع المذكور ، وهي مثبتة على جدران البطن الخلفية بنسيج خلوي والأشرطة الليفية العضلية المكرشة لها تكون فيها حفر معدة لإيداع المادة المذكورة ، وإذا تأملنا في أن المادة الثفلية لأجل أن تصل إلى المستقيم تقطع سيرا معوجا تضطر في أثنائه إلى أن تصعد إلى أعلى منع ثقلها ، علمنا أن ذلك كله مبطئ لمكث المادة المذكورة في الأمعاء المذكورة ، ويوجد في الحيوانات التي تتغذى من الحشائش ، وفيها المادة الثفلية عظيمة جملة تذانيب دودية متسعة اتساعا أكثر من اتساع هذه الأمعاء ينحصر فيها جزء عظيم من المواد الثفلية ، وتصير محكمة عليه حتى تكسبه الأشكال المختلفة التي تشاهد فيها ، ثم إن المواد الثفلية باندفاعها إلى المستقيم على المنوال المتقدم بواسطة الفعل المعوي الاستداري الدافع تتجمع فيه حتى تحدث في جدرانه تأثرا كافيا لقذفها ، فعند ذلك يحدث إحساس مخصوص ينبهنا على التبرز ، ويمكن الاستشعار بهذا الإحساس في مرض المعي من التهاب ك «الدوسنطاريا» مع كونه غير ناشئ عن تجمع تلك المادة ، ومتى تهيأ الإنسان للفعل المطلوب من هذا الإحساس انقبض المستقيم ، وانخفض الحجاب الحاجز ، واتجهت العضلات العريضة البطنية إلى الخلف ، فتدفع الأحشاء البطنية إلى تجويف الحوض ، فتغط على الأمعاء الممتلئة بالمواد الثفلية ، وهذا الفعل المزدوج الذي للمستقيم والعضلات البطنية يقهر مقاومة العضلات العاصرة للشرج فيبرز الغائط ، والأطفال يحسون بهذا التأثر بكثرة بسبب سرعة قوة الهضم فيهم ، وبسبب قلة تحمل أمعائهم مكث الأطعمة ثم إن نتن المواد النازلة صادر من أصل معفن فيها ، ويكون مصحوبا يتصاعد غاز مكبرت يختلف في القلة والكثرة على حسب جودة الهضم ورداءته ، وكثيرا ما يوجد في الغائط الجزء الملون للنبات كخضرة «الاسفاناخ» وحمزة الفوة ونحو ذلك ، كما أنها توجد فيه أيضا الحبوب المغشاة بقشرتها ، وذلك لأن جميع هذه الأشياء عاص عن فعل الأعضاء الهضمية حتى أن الحبوب المذكورة لو غرست في الأرض لنبت.
«المبحث السابع في الامتصاص»
قد ذكرنا في الكلام على الهضم أن المادة الغذائية الغريبة عن الجسم المعدة لتعويض ما نقص تستحيل إلى حالة لا تمتص بدونها ، فينبغي لنا حينئذ أن نتكلم على وظيفة الامتصاص فنقول : إنه يوجد في جميع أجزاء الجسم البشرى سواء كان في غور الأعضاء ، أو في أسطحتها أوعية ذات وظيفتين معدة لهما (إحداهما) : امتصاصها للجواهر التي بواسطتها حفظ جسمنا واستعاضة ما نقص منه ، وإرسالها إياها في كتله الدم. (وثانيتهما) : طردها إلى