أن تتعرض لها الوالدات جميع ذلك يكفي في العادة لإزالة الامتلاء الذي يحصل إفراز اللبن من تأثيره ، ومما يحرض زوال ذلك الامتلاء المشروبات الشايية المستعملة بكمية غزيرة ، وسيما إذا كان فيها بعض حرارة ، لتزيد في ثوران العرق ، ومما يعين عليه أيضا المسهلات الخفيفة ، وسيما إذا كان إمساك ، بل والفصد إذا كانت الحمى قوية ، لكن يلزم منع هذه المسهلات إذا اكتسبت الظاهرات منظرا مرضيا ، ومن المشروبات التي يمكن استعمالها بمنفعة المنقوعات الخفيفة كلسان الثور ، وزهر الخبازى ، والخطمية ، والبنفسج ، والخشخاش البري ، وغير ذلك ، وبالجملة فالجواهر المأمور بها هنا ، ويسمونها مضادات اللبن هي المعرقات والمدرات اللطيفة ، وبعض العوام يأمرون لذلك باستعمال مطبوخ خشب الخفاف ، بل وقلدهم في ذلك بعض الأطباء وفاء بما توهم الناس من النفع.
«المبحث الثاني في الوسائط المعينة على قطع اللبن زمن الفطامة» :
اعلم أن الوسائط لقطع اللبن هي الحالة التي أمروا بها خصوصا باستعمال كثير مما يسمونه بمضادات اللبن مع هزء وسخرية ، بل قد تكون خطرة جدا ، وذلك كالمسهلات القوية والمدرات للطمث والمعرقات المهيجة ونحو ذلك ، ثم إذا قطعت المرضعة الإرضاع لم يلبث الثديان قليلا حتى ييبسا ويتوترا ، وقد يسيل اللبن من الحلمة ، ويحصل من ذلك تخفيف ، وأحيانا يصير التوتر مؤلما ، فتحصل قشعريرات برهية ، وحمى تختلف شدتها ، وفي مثل هذه الحالات ينبغي أن يكون أول انتباه الطبيب أن يأمر بالراحة وملازمة الفراش ، والحمية القاسية ، ويجتهد مع ذلك في إنالة عرق لطيف باستعمال المشروبات الشايية ، وحرارة خارجة لطيفة ، فتمنع الحرارة القوية والغطاء الثقيل ، وكذلك يمنع استعمال المعرقات الراتنجية والروحية ؛ لأن هذه الوسائط تزويد في الحمى ، وبموجب ذلك تزيد في الأعراض ، بل وتعارض حصول العرق وانقطاع إفراز اللبن ، وربما استعمل الفصد العام في الدمويات المزاج ووضع العلق على الفرج إذا كانت الحمى قوية ، فإذا كانت الأثداء عظيمة الانتفاخ كان لا بأس بتفريغ جزء منه بالمص غير أن خطر هذه الواسطة المخففة التي تكرر كثيرا هو أنها تبطئ أي تقهقر اللبن من الثدي أي لا تقطعه إلا بعد زمن طويل ، فإذا كان الألم في الثديين قويا كان من النافع تغطيتهما بكمادات مرخية فاترة ، وأما الضمادات الحارة فتتبعهما وتزيد غالبا في توارد الدم ، وينبغي أيضا الحذر من ضغط هذين العضوين حتى وإن لم يكن فيهم ألم ؛ لأن هذا الضغط يرد للثدي متانة الأولى ، وربما ولد فيه التهابا حادا أو مزمنا أو يزيد في استرخاء بحيث يحصل فيه نوع ضمور ، فإذا زالت الحمى ، ولم تزل الإثداء محقونة باللبن لكن بدون ألم حقيقي ينبغي أن يؤمر للمرأة بالمسهلات التي يكرر استعمالها ثلاث مرات أو أربعا في مدة من