بالونين سائبتين مرنتين تتحركان وتهتزان على بعضهما ؛ ليتولد عنهما الهزات الرنانة ، والذي ينوع هذه الهزات بانخفاضه وارتفاعه على فتحة المزمار هو لسان المزمار (واعلم) أن الأصوات تتنوع أيضا من مرورها في الفم على حسب توسيعه وتضييقه ، واللهاة المرتفعة خلف الحفر الأنفية تقسم الهواء المهتز وتحفظ منه جزأ في تلافيف الخيشوم ؛ لتبقى غنّة الصوت ، ولهذا يصير أخن إن كان الأنف مسدود ، ويضيع أكثر الصوت فيمن كانت لهاته مفقودة أو مصقوبة ، ومما يثبت تولد الأصوات من المزمار فقد الصوت فيما إذا فتحت القصبة الرئوية من أسفل الحنجرة.
«المبحث السادس في تكون السمع» :
آلة السمع في الإنسان في غاية الإتقان لإدراك الأصوات ؛ إذ هي مشتملة على الأذن الظاهرة التي هي الصيوان الذي يتلقف الأجزاء الهوائية الحاملة للأصوات ، والقناة المنحرفة التي هي الصماخ ، وغشاء الطبلة المتصل بالصماخ الذي هو سدادة فاصلة بين الأذن الظاهرة والباطنة ، وخلف هذا الغشاء مسافة تسمى بصندوق الطبلة بينهما وبين الجزء الخلفي من الفم استطراق بقناة تسمى بالقناة الباطنة منفعتها تجديد الهواء في الأذن الباطنة ، والصيوان في الحيوانات ذوات الجبين طويل متحرك جدا ليتمكن من تلف أدنى دوي ، فكأنه قرين سمعي ، وغشاء الطبلة يتوتر بالعضلات المحركة للعظيمات إذا تأثر من الهواء الحامل للاهتزازات الصوتية ، والهواء المنجر في صندوق الطبلة معد لتوصيل الأصوات للأذن الباطنة ، ويقال : إن العظيمات الأربع منوطة بإدراك الأصوات اللطيفة ، والفروق الواهية جدا التي تقع بينها بدليل أنها إذا انمحقت من داء نشأ ذلك فقدان دقة حس السمع ، والأعصاب اللطيفة الرخوة المنتشرة في جميع هذه الأجزاء هي التي بها تدرك الأصوات ، فهي المكونة لحس السمع.
«المبحث السابع في الروائح» :
الأجزاء الرائحية الدقيقة جدا المتصاعدة من معظم الأجسام التي تتجه بسبب الهواء إلى الحفر النخامية ، فتحدث فيها إحساسا خاصا هي المسماة بالروائح ، وقد قالوا : إن الأجسام يوجد فيها أصل عطري مخصوص يسمى بالريح الرئيس ، وبعضهم يسميه بالريح العطري مع أنه توجد بعض روائح مختلفة لا تكون ناشئة إلا من جوهر واحد وقد قيل عن يفين : إن العطرية تتسلطن في نفس جزئيات الأجسام فلا تنتشر في الهواء إلا بواسطة الحرارة ، وبواسطة سبب آخر ، وهذه الجزئيات المولدة للروائح دقيقة جدا تخفى على حاسة البصر فلو وضعت قطعة مسك في محل ، وحفظت فيه لانتشرت منها رائحة عظيمة جدا مع أنها لو زنت بعد