نقصها كل يوم ، والأخلاق النفسانية تتغير فيهنّ أيضا ، فقد يلبسن ثياب الحزن ويتصفن ب «الماليخوليا» والشراسة والنفرة عن الاجتماعات بعد أن كن من ذوات الأخلاق الحميد والفرح والابتهاج ، وقد يحصل العكس ، وبعض منهنّ تقوى شهوتهنّ قوّة خارجة عن الحدّ بحيث تحملهنّ على ارتكاب المآثم والخطايا بعد أن كن في غاية العفو والصيانة ، وقد يحدث لهنّ في وحمهنّ اختيار نوع واحد من الفواكه أو اللحوم أو الأطعمة ولو ذميمة بحيث لا تقبل أن تأكل من غيرها ، وقد يظهر فيها ميل قهري لسرقة أشياء قليلة الثمن غير محتاجة إليها ، وبالجملة قد يحدث للمرأة في وحمها ما يخرم مروءتها وأخلاقها وصفاتها الحميدة ، ومنهنّ من يصير عقلها أذكى وأحدّ وألطف ، وقد تقع في سبات وبلادة برغبة ، وقد تقوى القوى العقلية كلّا أو بعضا ، فقد تقوى الحافظة وحدها أو الرغبة في الفنون والعلوم أو القوّة الحاكمة أو التعقل بحيث تصل المرأة مدّة الحمل إلى درجة تامة في الأعمال العقلية التي لم تنتفع سابقا بدراستها ، وقد يفقد العقل بالكلية ويخلفه جنون تام ، ويكون ذلك في زمن معين من كل حبل ، ومنهن من لا يسكن خلل عقلها إلا في مدّة الحمل ، ويقال : إن منهنّ من شوهد كونها في حالة كهربائية بحيث كان يظهر آثار ذلك في شفرها ، لكن ذلك أمر مستغرب ، وإن وجد كان في غاية الندرة ، وقد يعرض بعض الأمراض في مدّة الحمل أو يزول ، فتارة يعرض وجع في الأسنان بدون تغير فيها ويتجدّد في كل حمل ، وتارة ألم عصبي في العصب فوق الحجاج أو تحته أو في العصب الوجهي وغير ذلك أو رعشة أو تشنجات أو حركات اختناقية رحمية مسماة ب «الايستريا» أو صرعية ، وتارة سل كثير التقدّم يتقهقر مدّة الحمل ، ويبدل بصحة جيدة ، وتارة تعرض التهابات بطيئة في الصدر أو القناة الهضمية أو آفات عضوية أو ثقيلة أو عميقة ، ونقول أيضا : من المحقق أن بعض الأمراض يحصل فيها بالحمل تنوع جيّد ، بحيث يذهب ولا يرجع ، ومن المحقق أيضا أن بعضها يسير في مدّة الحمل بسرعة مهولة حتى يفقد حياة الحامل.
«المبحث الرابع في العلامات العقلية في ظواهر الحمل»
قد ذكرنا الظاهرات الاشتراكية التي تحصل من الحبل وكثرة عدد المشاركات تصير الحكم بمقتضاها عسرا ، فإن بعضها ، بل كلها قد يوجد بدون حمل ، وقد يوجد بدونها ، فكيف يعول في ذلك على الظاهرات التي تنسب للإحساسات التي تحصل للمرأة وقت الجماع أو بعده بقليل ، سيما وجميع النساء يسهل عليهنّ ظن ما يشتهينه ويخفين باختيارهنّ في أنفسهنّ ما يخفن منه ، فيظهرن أنه حصل لهنّ أو لم يحصل غرض كذا أو كذا على حسب ما يردنه من الحمل أو عدمه ، ثم كيف يعرف مع وجود الاضطرابات والانخرامات في عقولهنّ ما