علمت في جري الحالتين والزمانين على ما ذكرت واستدللت على حدوثها ، فلو بقيت الأشياء على صغرها من أين كان لك أن تستدل على حدوثها؟ فقال العالم عليهالسلام : إنما نتكلم على هذا العالم الموضوع ، فلو رفعناه ووضعنا عالما أخر كان لا شيء أدل على الحدث من رفعنا إياه ووضعنا غيره ولكن أجيبك من حيث قدرت أنك تلزمنا ، ونقول : إن الأشياء لو دامت على صغرها لكان في الوهم أنه متى ما ضم شيء منه إلى مثله كان أكبر ، وفي جواز التغير عليه خروجه من القدم كما بان في تغيره دخوله في الحدث ، ليس لك وراءه شيء يا عبد الكريم ، فانقطع وخزي.
فلما كان من العام القابل التقى معه في الحرم ، فقال له بعض شيعته : إن ابن أبي العوجاء قد أسلم ، فقال العالم عليهالسلام : هو أعمى من ذلك لا يسلم ، فلما بصر بالعالم عليهالسلام قال : سيدي ومولاي ، فقال له العالم عليهالسلام : ما جاء بك إلى هذا الموضع؟ فقال : عادة الجسد وسنة البلد ولنبصر ما الناس فيه من الجنون والحلق ورمي الحجارة ، فقال العالم عليهالسلام : أنت بعد على عتوك وضلالك يا عبد الكريم ، فذهب يتكلم ، فقال له : لا جدال في الحج ونفض رداءه من يده ، وقال : إن يكن الأمر كما تقول ـ وليس كما تقول ـ نجونا ونجوت ، وإن يكن الأمر كما نقول ـ وهو كما نقول ـ نجونا وهلكت ، فأقبل عبد الكريم على من معه فقال : وجدت في قلبي حزازة (١) فردوني ، فردوه ومات لا رحمه الله.
قال مصنف هذا الكتاب رحمهالله : من الدليل على حدث الأجسام (٢) أنا وجدنا أنفسنا وسائر الأجسام (٣) لا تنفك مما يحدث من الزيادة والنقصان وتجري عليها من الصنعة والتدبير ويعتورها من الصور والهيئات ، وقد علمنا ضرورة أنا لم نصنعها ولا من هو من جنسنا وفي مثل حالنا صنعها ، وليس يجوز في عقل ، ولا يتصور في
__________________
١ ـ في نسخة ( ج ) و ( د ) و ( هـ ) و ( ط ) ( حرارة ).
٢ ـ في نسخة ( ب ) و ( ج ) و ( د ) ( من الدليل على حدث العالم ).
٣ ـ في نسخة ( ب ) و ( ج ) و ( د ) و ( و ) ( سائر أجسام العالم ).