بسم الله الرحمن الرحيم
كان المفروض أن أكتب هذه المقدمة قبل صدور الطبعة الأولى لهذا الكتاب ، إلّا أنّ ظروفا خاصة حالت دون ذلك وكنت أقول للأخوة الذين اصرّوا عليّ بكتابة المقدمة آنذاك أن الوقت لم يفت بعد وإن الكتاب سيطبع مرة أخرى بل مرات ويمكن حينئذ تدارك ذلك لأني أعلم أهمية الكتاب بالنسبة إلى طلاب علم الأصول وخصوصا دارسي الكفاية وأساتذتها وشدة احتياجهم إليه ، لكني لم أحسب أن ذلك سيتحقق بسرعة قياسية فقد نفدت الطبعة الأولى خلال ثلاثة أشهر وهي مدة غير اعتيادية لمثل هذا الكتاب بلحاظ مادته وبلحاظ حجمه الكبير أيضا ، وبعد أن تهيأ الأخوة المشرفون على الطبع لإعادة طبعه ثانية طالبوني الوفاء بالوعد.
طبعا ليس من السهل على مثلي أن يكتب مقدمة لكتاب يطلب فيها تقييم الكتاب والكاتب وذلك لصلة القرابة التي تربطني بشيخنا المؤلف (قدس) ولكوني تلميذا من تلامذته العديدين استفدت من محضره كثيرا في الدرس وغيره ؛ ولذا من الصعوبة بمكان أن أنجز هذه المهمة إلّا أن الظاهر أنه لا بد مما ليس منه بد.
من الأمور المعروفة في الأوساط العلمية الحوزوية الموقع الذي يتبوؤه المحقق الخراساني (قدس) وكتابه الشهير «كفاية الأصول» من الفكر الأصولي ، فقد استطاع من خلال ما طرحه في كتابه من آراء ونظريات ومناقشات أن يدفع بالفكر الأصولي إلى مرحلة متقدمة من مراحل نموه تميزت بالعمق والأصالة والاهتمام بجوهر المطالب والابتعاد عن التفصيلات والأمور الجانبية