وعن الثالث
بأنّ تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد جائز عندنا ، لأنّ اللفظ العام في القرآن
الكريم وإن كان قطعيا في متنه ظني في دلالته ، فأمكن تخصيصه بالدليل المظنون ، وإن
سلمنا أنّ خبر الآحاد لا يخصص القرآن فلا نسلم أنّ الرجم ثبت بطريق الآحاد ، بل هو
ثابت بالتواتر. رواه أبو بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم وجابر وأبو سعيد الخدري
وبريدة الأسلمي وزيد بن خالد في آخرين من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين فهو على
الأقل متواتر المعنى كشجاعة علي وجود حاتم.
والآحاد إنما
هي في تفاصيل صوره وخصوصياته. والخوارج كسائر المسلمين يوجبون العمل بالمتواتر
معنى كالمتواتر لفظا إلا أن انحرافهم عن الصحابة ، وتركهم التردد إلى علماء
المسلمين والرواة منهم أوقعهم في جهالات كثيرة.
ولقد عابوا على
عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه القول بالرجم ، وقالوا : ليس في كتاب الله تعالى
فألزمهم بأعداد الركعات ومقادير الزكوات فقالوا : ذلك من فعله صلىاللهعليهوسلم وفعل المسلمين. فقال : وهذا أيضا كذلك.
وكان عمر بن
الخطاب رضي الله عنه ألهم أمر هؤلاء الخوارج ، فقد روي عن ابن عباس أنّه قال :
سمعت عمر رضي الله عنه يخطب ويقول : إن الله بعث محمدا صلىاللهعليهوسلم بالحق ، وأنزل عليه الكتاب ، فكان مما أنزل عليه آية
الرجم فقرأناها وو عيناها ، ورجم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ورجمنا بعده ، وأخشى إن طال بالناس زمن أن يقول قائل
ما نجد الرجم في كتاب الله تعالى فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله تعالى في كتابه ،
فإنّ الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال أو النساء ، قامت
البينة أو كان حمل أو اعتراف ، والله لو لا أن يقول الناس زاد في كتاب الله تعالى
لكتبتها. أخرجه الستة .
وروى الزهري
بإسناده عن ابن عباس أن عمر قال : قد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل لا
نجد الرجم في كتاب الله تعالى فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله تعالى ، وقد قرأنا
الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة ، فرجم النبي صلىاللهعليهوسلم ورجمنا بعده.
دليل الظاهرية والرد عليهم
استدل
أهل الظاهر على وجوب الجلد والرجم في حد المحصن بالعموم في الآية مع ما رواه أبو داود
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه من قوله صلىاللهعليهوسلم : «والثيب بالثيب جلد مئة ورمي بالحجارة» وفي رواية
غيره «ورجم بالحجارة».
__________________