على الميت والقيام على قبره احتفال بالميت ، وإكرام له واحترام ، وليس
الكافر من أهل الاحترام والتعظيم.
(وَماتُوا وَهُمْ
فاسِقُونَ) معناه أنّهم مع كفرهم متمردون في دينهم خارجون عن الحد
فيه.
والظاهر أنّ
هذه الآية لا تدل على وجوب الصلاة على موتى المسلمين ، بل غاية ما تفيده أنّ
الصلاة على الميت مشروعة ، والوجوب مستفاد من الأحاديث الصحيحة ، كقوله صلىاللهعليهوسلم : «صلوا على صاحبكم»
وقد نقل العلماء
الإجماع على ذلك إلا ما حكي عن بعض المالكية أنّه جعلها سنة.
وقد دلت الآية
على معان :
منها حظر
الصلاة على موتى الكفار ، وحظر الوقوف على قبورهم حين دفنهم ، وكذلك تولي دفنهم ،
وألحق بعض العلماء بذلك تشييع جنائزهم.
ومنها مشروعية
الوقوف على قبر المسلم إلى أن يدفن ، وأن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يفعله . وقد قام على قبر حتى دفن الميت ، وكان ابن الزبير إذا
مات له ميت لم يزل قائما على قبره حتى يدفن. وفي «صحيح مسلم» أنّ عمرو بن العاص رضي الله عنه قال عند موته : إذا
دفنتموني فسنوا علي التراب سنا ، ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر الجزور ، ويقسّم
لحمها حتى أستأنس بكم ، وانظر ماذا أراجع به رسل ربي.
قال الجصاص :
من الناس من جعل قوله تعالى : (وَلا تَقُمْ عَلى
قَبْرِهِ) قيام الصلاة. قال : وهذا خطأ من التأويل ، لأنه تعالى
قال : (وَلا تُصَلِّ عَلى
أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ) فنهى عن القيام على القبر كنهيه عن الصلاة على الميت ،
فغير جائز أن يكون المعطوف هو المعطوف عليه بعينه اه.
قال الله تعالى
: (خُذْ مِنْ
أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ
إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٠٣))
(وَتُزَكِّيهِمْ) : تنمي حسناتهم وأموالهم.
(وَصَلِّ عَلَيْهِمْ) : ادع لهم ، واستغفر لهم.
(سَكَنٌ) من معاني السكن والسكون ، وما تسكن النفس إليه وتطمئن
من الأهل والمال والوطن. وكلّ من هذين المعنيين يصحّ أن يكون مرادا.
__________________