والثاني : التقاء الختانين ، فإنه عليه الصلاة والسلام يقول : «إذا
التقى الختانان وجب الغسل» .
وكما يجب الغسل
للجنابة يجب عند انقطاع حيض ونفاس ، لقوله تعالى في الحيض : (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) [البقرة : ٢٢٢] ولحديث فاطمة بنت أبي حبيش أنه عليه الصلاة والسلام قال لها
: «إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة ، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي» رواه البخاري . وللإجماع على أن النفاس كالحيض.
واخلف الفقهاء
في المضمضة والاستنشاق في الغسل ، فقال المالكية والشافعية : لا يجبان فيه ، وقال الحنفية والحنابلة : يجبان.
حجة المالكية والشافعية : ما ورد من أنّ قوما كانوا يتحدثون في مجلس رسول الله صلىاللهعليهوسلم في أمر الغسل وكلّ يبين ما يعمل ، فقال عليه الصلاة
والسلام : «أما أنا فأحثي على رأسي ثلاث حثيات ، فإذا أنا قد طهرت» .
وحجة الحنفية والحنابلة أنّ الأمر بالتطهير يعمّ جميع أجزاء البدن الظاهرة
والباطنة ، ولكنّ الباطنة التي لا يمكن غسلها سقطت للحرج ، فبقيت الطهارة متعلقة
بالظاهرة والباطنة التي يمكن غسلها ، وهي الفم والأنف ، فكانت المضمضة والاستنشاق
من الواجبات في الغسل ، وأيضا رأينا أنه تعلقت بهما أحكام تدلّ على اعتبارهما من
الأعضاء الظاهرة ، وأحكام تدلّ على اعتبارهما من الأعضاء الباطنة ، فمن الأول ما
قالوه من أنه إذا تمضمض الصائم أو استنشق لا يفسد صومه ، وهو دليل اعتبارهما من الظاهرة
، ومن الثاني ما قالوه من أنّه إذا خرج القيء من الجوف إلى الفم ثم عاد ، لا يفسد
صومه وهو دليل اعتبارهما من الباطنة ، وحيث اجتمع فيه شبه الأعضاء الظاهرة
والباطنة كان الاحتياط في باب الطهارات في وجوب غسلهما.
وأجيب عما تمسك
به المالكية
والشافعية بأن الغرض من
الحديث بيان أنّه لا يجب الوضوء بعد الغسل كما فهم ذلك كثير من الصحابة فبيّن عليه
الصلاة والسلام أنّ الواجب الغسل فقط ، وأنّ الطهارة الصغرى تدخل في الطهارة
الكبرى.
(وَإِنْ كُنْتُمْ
مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ
النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا
بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ).
__________________