يفعلون ذلك في الجاهلية لا يعطون الميراث إلا من قاتل ، ويعطونه الأكبر
فالأكبر.
هذا شأن
الإسلام مع المرأة أخذ بضبعيها ، وأناف بها على اليفاع. ورّثها بعد أن لم تكن ترث
، وجعل لها نصيبا مفروضا على كره من الرجال ، ولكن نبتت نابتة في هذا الزمان
يقولون : إن الإسلام بخس المرأة حقها في الميراث ، وجعلها على النصف من حظ الرجل ،
ويريدون تسوية المرأة بالرجل في الميراث.
ومن نظر وجد
أنّ الشريعة عاملت المرأة بالرأفة ، فهي حين أعطتها نصف حظ الرجل جعلت نفقتها
ونفقة خدمها وأولادها على الرجل ، وحين أعطت الرجل ضعف المرأة كلّفت الرجل بالنفقة
على زوجته وأولادها ، فنصيب الرجل يشركه فيه الكثير ، ونصيبها لها خاصة ، فأيّ برّ
بالمرأة أعظم من هذا البر ، وأيّ رفق بها أكثر من هذا الرفق ، هذا إلى ما منحتها
إياه من حق الميراث ، وقد كانت محرومة هذا الحق.
ميراث الأولاد
يقول الله : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ) أي يعهد إليكم في ميراث أولادكم ، وهذا إجمال بيانه ما
بعده (لِلذَّكَرِ مِثْلُ
حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) إلخ أي إذا مات الميت ، وترك أولادا ذكورا وإناثا ،
فللذكر مثل حظ الأنثيين ، فيكون حظّ الذّكر ضعف حظّ المرأة (فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ) أي وإن كان المتروكات نساء فوق اثنتين (فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ) يقول الله : فإن ترك النساء ليس معهن ذكور ، فإن كن
ثلاثا فأكثر فلهن الثلثان ، وإن كانت واحدة ، أي وإن كانت المتروكة واحدة فلها
النصف.
وقد ذكر الله
حكم البنت إذا لم يكن معها أخ ذكر ، وحكم البنات إذا انفردن أيضا ، ولم يذكر الله
حكم البنتين إذا انفردتا عن أخ ذكر ، وقد اختلف العلماء في حكمهما ، فألحقهما ابن
عباس بالبنت الواحدة ، وأعطاهما النصف ، ووجهه أنّ الله تعالى قال : (فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ
فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ) فجعل الثلثين للنساء إذا كن فوق اثنتين ، فلا نعطيهما
إذا كانتا اثنتين.
وقال الجمهور : البنتان لاحقتان بالبنات ، فلهما الثلثان كما لهن
الثلثان ، وهذا أولى لأمور :
أولها : قياس البنتين على الأختين ، وقد قال الله فيهما : (فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا
الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ) ، والبنات أقرب للميت من الأختين ، فإذا كان للأختين
الثلثان فأولى أن يكونا للبنتين.
ثانيهما : أن البنت تأخذ مع أخيها الثلث ، فأولى أن تأخذه مع
أختها ، ويكون لهما الثلثان.