عليها. والخاتم بمنزلة الطّابع. وإنما أراد : أنه أقفل عليها وأغلقها ، فليست تعي خيرا ولا تسمعه. وأصل هذا : أن كلّ شيء ختمته ، فقد سددته وربطته.
ثم قال عزوجل : (وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ) ابتداء. وتمام الكلام الأول عند قوله : (وَعَلى سَمْعِهِمْ).
والغشاوة : الغطاء. ومنه يقال : غشّه بثوب ، أي : غطّه. ومنه قيل : عاشية السّرج ، لأنها غطاء له. ومثله قوله : (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ) [سورة الأعراف آية ٤١].
* * *
٩ ـ وقوله : (يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا ، وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) ، يريد : إنهم يخادعون المؤمنين بالله فإذا خادعوا المؤمنين : فكأنهم خادعوا الله. وخداعهم إيّاهم ، قولهم لهم إذا لقولهم : قالوا : (آمَنَّا ، وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ). أي : مردتهم ، قالوا : (إِنَّا مَعَكُمْ ، إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ). [سورة البقرة آية ١٤]. وما يخادعون إلّا أنفسهم : لأن وبال هذه الخديعة وعاقبتها راجعة عليهم ، وهم لا يشعرون.
١٠ ـ (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) أي : شك ونفاق. ومنه يقال : فلان يمرّض في الوعد وفي القول ، إذا كان لا يصححه ، ولا يؤكده.
١٣ ـ (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ : آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ) يعني : المسلمين ، (قالُوا : أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ؟!) أي : الجهلة ومنه يقال : سفه فلان رأيه ، إذا جهله. ومنه قيل [للبذاء] سفه ، لأنه جهل.
١٥ ـ (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ). [سورة التوبة آية] ، أي يجازيهم جزاء الاستهزاء جزاء النسيان. وقد ذكرت هذا وأمثاله في كتاب «المشكل».